لقد حدث فى الفكر الإسلآمى إنفصام نكد بين عناصر ومكونات هذا الفكر أدى إلى إختصار الإسلآم إختصارا شديدا ، فأدى هذا الإختصار الى تشويه الحياة الإسلآمية بوجه عام.
وهدفى من هذه المقالة المختصره إلقاء بعض الضوء على هذا الإختصار وهذا التشويه للإسلآم ، آملآ من الله عز وجل أن يوفقنى فى لفت الإنتباه لهذه المسألة الخطيرة ، فبفهم هذا الذى حدث نستطيع أن نفهم ماذا يحدث على الساحة الدعوية الإسلآمية الآن.
وإعترافا بفضل علماء الإمة ومثقـفــيها ، وتنـبـيها على بعض الكــتب التى لآ يتداولها عادة العامة وأشباه المثقفين ، أبدأ باقتباس عدة جمل من كتاب صغير الحجم عظيم الفائدة بعنوان "قضية المنهجية فى الفكر الإسلآمى" عدد صفحاته 42 صفحة ، كتبه الأستاذ الدكتور عبد الحميد أبو سليمان ، الرئيس السابق لقسم العلوم السياسية بكلية التجارة جامعة الرياض ونشره المعهد العالمى للفكر الإسلآمى ، الذى كان أحد مؤسسيه ومدرائه.
يقول الدكتور عبد الحميد أبو سليمان فى هذا الكتاب :
" وكان لبدء الصراعات السياسية فى الدولة الإسلآمية ، إبان الفتنة الكبرى وقيام الدولة الأموية ، وما ترتب عليه من العزلة بين الزعامة السياسية والزعامة الفكرية الإسلآمية أثره فى تدهور عطاء الفكر الإسلآمى من الإجتهاد والمبادرة والإبتكار فى مرحلة مبكرة من تاريخ الأمة.
ولآشك أن جهود العلماء الفردية الشخصية كان لها أثرها فى إثراء الفكر الإسلآمى ، ولكنها لم تكن تـتمثـل خطة علمية منهجية منظمة فى ضوء توجيه النصوص الإسلآمية. وإنعكس ذلك على منهج الفكر الإسلآمى وعلومه التى إنغمست فى الدراسات الوصفية والنقلية والمنهج اللفظى وما يتعلق به من علوم اللغة والأدب .
ولقد أدى هذا علميا الى توزيع حياة الأمة إلى قسمين :
أحدهما شخصى ، وقد إهتم بهذا الجانب الفكر الإسلآمى ومنهجهه متمثلآ فى علمائه ،
والآخر عام ، وإستبد به الحكام والسلطات والمؤسسات العامة ، مع إهمال العلماء والمفكرين الإسلآميين وتجاهلهم ، وإتسمت نظرة هؤلآء الى الحكام بالشك وعدم الثقة وإنعدام الشرعية.
وتحت تإثير هذ الواقع المنحرف فى مسيرة الأمة وتدهور مؤسساتها نجد أن جوهر الفكر الإسلآمى قد تحول أدائه من تنــشـئة وتكوين أفراد الأمة إلى إرهاب فكرى وإخضاع تمارسه القيادات السياسية و الإجتماعية و الفكرية فى صور مختلفة .
و نتيجة لهذا الإنفصام و الصراع قامت معركة وهــمية بين الوحى و العقـل نجم عنها إنفصام فكرى خطير بين علم العـقيدة وعلم الفـقـه ، وترك آثاره على العلآقة بين الدين والحياة الإجتماعية .
وتخصص علم العقيدة فى الخوض المنطقى والفلسفى والعقلى فى شئون عالم الغيب ، وإنتهى الفكر الإسلآمى إلى متاهات فكرية تركت آثارا سلبية فى تكوين النفس الإسلآمية فيما يعرف بقضايا القضاء و القدر ، و كان أن حُـرم الفقه الإسلآمى من قاعدته العقـيدية التــنـظيــرية و بدونها لآ يمكــن للفكر الإسلآمى أن يواصل مسيرته الإجتهادية والتنـظيمية"
إذا فقد إنـقسم المجتمع المسلم فى وقت مبكر جدا ، وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بما لآ يتجاوز بـضع عشرات من السنين إلى فريقين:
1 - فريق يمارس السياسة ويختص بها بعيدا عن إشراك علماء الأمة وتوجيهاتهم.
2 – و فريق علماء الأمة الذين تركوا السياسة و التفكير فيها و التنظير لها ، لفساد الحكام وفساد سلوكهم ، إلآ ما ندر ، و بالتالى فسدت السياسة واصبحت غير قائمة على أساس نظرى تـعتمد عليه وأصبح العلماء يتجنبون السياسة ويحذرون من الإتصال بالسياسيين ، أى الإتصال بالأمراء و بالسلآطين ومن والاهم.
وهكذا تراجع الفكر السياسى الإسلآمى شيئا فشيئا حتى أنه لم يعد هناك أساس نظرى تقوم عليه الدولة الإسلآمية ، وتحولت السياسة إلى:
1- ممارسات للحصول على السلطة السياسية ،
2- ومحاولة الإحتفاظ بها بكل الطرق وشتى الوسائل ثم
3- محاولة توسيعها بشكل دائم حتى تشمل السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الإرض وعلى من يسكنون عليها لأن هذا يضمن ويدعم موارد الدولة ، وهذا ما يسمى بتكنيكية السلطة.
وهكذا بدأت عملية إختصار الإسلآم شيئا فشيئا بلآ وعى وبدون أن يدرى أحد ليخرج منه جانب هام من جوانب المعاملآت الإسلآمية.
وحتى يتضح هذا الإختصار لآبد لنا أن ننظر للأمر من زاوية أخرى لكى نفهمه بشكل أوضح وهى زاوية الأحكام الشرعية.
لقد قسم الفقهاء الأحكام الشرعية إلى:
1 - أحكام العقيدة ، وإختص بها علم الكلآم أو علم أصول الدين ، وهو العلم الذى أنشأ للحجاج عن العقيدة الإسلآمية بوسائل عقلية
2- الأحكام الخلقية ويختص بها علم الأخلآق
3 – أحكام العبادات ويختص بها الفقهاء
4 – أحكام المعاملآت وهى داخلة أيضا فى إختصاص الفقهاء
[color=darkred]
وظل هذا التقسيم على هذا الحال حتى يومنا هذا.
وقد جمع الفقهاء أحكام العبادات وأحكام المعاملآت فى فرع واحد من العلوم وهو علم الفقه ، ولذلك يعرف الفقه بأنه مجموع الأحكام العملية التى هى هذاين النوعين من الأحكام. وقد سبب هذا مشكلة خاصة أثرت على مسار عملية الإجتهاد الإسلامى بسبب تعليل الأحكام ، فأحكام العبادات أحكام غير معللة وغير قابلة للتعليل فى حين أن أحكام المعاملآت أحكام معللة أو يمكن تعليلها .
وبوسع القارئ أن يأخذ أى كتاب من كتب الفقه وينظر فيه ، على سبيل المثال كتاب "فقه السنة" للشيخ سيد سابق ، أو أى كتاب آخر فكتب الفـــقه كلها لآ يختلف أحدها عن الآخر فى حيث المحتوى ، فسوف يجد الآتى:
بنفسم هذا الكتاب إلى قسمين :
القسم الأول يشمل : فقه العبادات الذى يبدأ بمعالجة قضايا الطهارة ثم الصلاة والزكاة والصيام وأحكام الجنائز ، فالذكر ، ثم الحـج ، والزواج والطلآق و ما يتعلق بهما.
والقسم الثانى : و يبدأ بمعالجة قضايا الحدود وهى أحكام تتعلق بتعاطى الخمر والمخدرات ، و الزنا و القذف و الردة و الحرابة و السرقة ، ثم يعالج الكتاب مسائل القصاص ، وكل هذا داخل فى قسم التشريع الجنائى الإسلآمى من قسم يمكن أن نسميه بقسم "المعاملآت العامة" أو "القانون العام"
ثم ينتقل الكاتب إلى معالجة قضايا علآقة المسلمين بغيرهم ، وقضايا الحرب والجهاد والجزية والغنائم والفئ والعهود والمواثيق. وكل هذه الموضوعات يمكن أيضا وضعها تحت القسم الذى نسميه كما سبق بقسم " المعاملآت العامة" وهى تنقسم أيضا إلى قسمين : قسم منها يدخل فى إطار القانون العام ، و قسم ينضوى تحت ما نسميه بالقانون الدولى أو العلآقات الدولية.
ثم ينتقل الكاتب الى الحديث عن أحكام البيوع ، و الربا ، و القرض ، و المزارعة ، و المضاربة ، و الصيد ، و الأضحية ، و العقيقة و شركات التأمين ، و اللباس و الشراب ، وكثير من الموضوعات الإخرى ، وكلها داخلة فى إطار المعاملآت التى يمكن أن نسميها "بالمعاملآت الخاصة" أو "القانون الخاص".
وهكذا نرى أن أحكام المعاملآت يمكن تـقسيمها إلى أحكام المعاملآت الخاصة وأحكام المعاملآت العامة. وبذلك يمكن تقسيم الأحكام بمجموعها الى:
1 – أحكام العقيدة
2- الأحكام الخلقية
3- احكام العبادات
4 – أحكام المـعاملآت الخاصة
5- أحكام المـعاملآت العامة
فإذا نظرنا الآن فيما يتناوله مشايخ الفضائيات مثلآ من موضوعات ، نجد أنها فى الغالب موضوعات تتعلق بالعقيدة والأخلآق ، وهذا بلآ شك عمل مفيد جدا وخاصة فى زمننا الحالى الذى إنحصر فيه الإسلآم فى نفوس الناس ، ويشكر عليه هؤلآء الفضلآء جزيل الشكر.
ولكن هل هذا هو الإسلآم؟ أم أنه جانب واحد من جوانبه الذى لآ يمس إلآ علآقة المسلم بربه؟
وإذا إنتقل هؤلآء الأفاضل إلى الحديث فى أحكام المعاملآت فالأمر يتعلق فقط بقضايا الزى واللباس ، وقضايا المظهر العام للمسلم مثل اللحية والشارب ، والسفر والإخطلآت وغير ذلك ، وربما أيضا يتحدثون عن أحكام القرض والتأمين والشركات وما إلى ذلك. وهذا أيضا بلآ شك شيئ حسن ويحمدون عليه.
ولكن هل منهم من يتحدث عن أحكام المعاملآت العامه؟
أى هل منهم من يتحدث فى قضايا الشورى والنظم الإسلآمية ، أو النظم السياسية والإقتصادية والإجتماعية ، وقضايا العلآقات الدولية ، وقضايا وأحكام نظام الحكم ووسائل تسييره ، وقضايا الإنتقال السلمى للسلطة ، والقضايا التى تتعلق بالحاكم وكيفية عزله بالطرق السلمية إذا ثبت عدم صلآحيته وفساده ، وغير ذلك من الأمور التى تتعلق بكيان الدولة وعلآقتها بالدول الإخرى ، إسلآمية كانت أو غير إسلآمية ، ، وعلآقة الأمة بالدولة ، وعلآقة الدولة الإسلآمية بالمنظمات والمعاهدات والهيئات الدولية ، وكل ذلك مرتبطا بالعصر الذى نعيش فيه أى فى بداية القرن الواحد والعشرون؟
بلآ شك لآ
فإنهم إقتصروا على الحديث فى مسائل العقيدة والأخلآق والعبادات ، وبعض من أحكام المعاملآت الخاصة.
وإذا سألنا لماذا ؟ فالأمر يرجع لسببين:
الأول : هو ما نقلته عن الدكتور عبد الحميد أبو سليمان
والثانى : وهو جدير بالإنتباه ويحتاج لشرح موسع بعض الشيئ :
نحن نعرف أن نسبة الأمية فى الشعوب العربية كبيرة جدا ، ربما تبلغ فى مصر نسبة 40 % ، وأن نسبة الأمية الثقافيية بين ال 60 % الباقية كبيرة جدا ، ونسبة الأمية السياسية والإقتصادية فى القلة الباقية مرتفعة أيضا جدا ، وعليه فإن المستوى الثقافى والعلمى بشكل عام مضمحل بشكل شديد وخاصة فقد إضمحل فى العقد الأخير فى ظل الحكم البائد وما سبقه ، وكلنا يعرف كيف أصبحت إهتمامات الناس منحصرة فى الحصول على المواد الأولية للعيش والحياة.
وبالتالى فقد هبطت الرغبة فى العلم والمعرفة للناس هبوطا شديدا ، فأصبح الناس يرضون بالعلم السهل الذى لآ يحتاج الى تفكير وعناء ، ولم أقل هنا العلم السطحى لأن هذا العلم أيضا علم شرعى يحتاجه الناس. نتج عن ذلك ان الناس قد أصبحوا يفرحون بكل من يقدم لهم هذا العلم ويقدرونه ويرفعونه ، وهذا أيضا شيئ محمود . ومع هبوط مستوى العلم الذى ينتظره الناس أصبح هناك الكثير الذين يستطيعون تلبية هذه الحاجة والذين إقتصر علمهم على أمور العقيدة والعبادات وبعض أحكام المعاملآت.
ونحن نعرف أن الطريقة السائدة للتعلم هى الحفظ "الصم" أى عن ظهر قلب بدون كبير عناء فى التفكير فيما يحفظه الإنسان ، مما نتج عنه أن الكثير تحولــوا إلى أجهزة تسجيل ، يقوم بإسترجاع ما حفظه عن ظهر قلب فى أى لحظة يشاء ، مما نتج عنه زيادة الضعف العلمى وسطحيته ، وبالتالة تقديم هذا العلم السطحى إلى الجماهير ، فلآ يزداد المستوى العلمى إلآ هبوطا وبالتالى تهبط أيضا رغبة الجماهير فى علم أوسع أو أعلى مستوا ، لأن المشايخ لم يحثوهم على التفكر ، ولم ينموا فيهم الرغبة فى البحث والتقصى والإزدياد من العلم وهكذا دواليك. وإستمع بأذن واعية الى ما يقوله هؤلآء المشايخ ، ستكتشف أن أغلب إحاديثهم هى سرد لقصص ، فقد تحول الكثير منهم إلى وعاظ وقصاصون.
لقد إستمعت مرة الى خطبة جمعة من أحد "علماء" الفضائيات ألقاها فى أحد المساجد فى مدينة ألمانية بها جامعة مشهورة ، وكان فى المسجد كثير من الطلبة الذين أتوا من بلآد إسلآمية مختلفه ، كثيرا منهم يقومون بكتابة رسائل للدكتوراه ، فلم تكن الخطبة إلآ سردا لعدد كبير من القصص ، يروى القصة تلو الأخرى ، وكان موضوع خطبته هو "الجزاء بقدر العمل" . كان هذا شيى حسن فى حد ذاته ، ولكنه لم يراعى أن المصلون هم جامعيون ينتظرون من الخطيب علما ، وليس سرد قصص من تلك التى تـُـلقى على مجموعة من غير المتعلمين. هل كان هذا لأنه لم يعرف نوعية المصلون ، أم أن قدرته لآ تزيد عن ذلك؟
وهكذا أصبح لدينا طبقة من معلمى الشعب يشتهرون إذا كان لديهم الملكة الخطابية أو القدرة على الحديث السهل الذى يفهمه عامة الناس والقدرة على سرد القصص ، مزودين بملآبس خاصة ومظهر خاص يبهرون به مستمعيهم.
أنهم فى الغالب يخاطبون عواطف الناس ويهملون عقولهم.
وترى عددا منهم يستعملون اللهجة العامية أو قل اللغة السوقية فى الحديث ، فيساعدون بذلك على إنتشارها على حساب اللغة العربية الفصحى. وقد نتج عن ذلك مشكلة أخرى وهى أن بعض الشباب أصبح يتجرأ على القيا م بمهمة التعليم والتثقيف ، بدون أن يكون عندهم العلم الكافى ، طالما أنهم يستطيعون الحديث إلى الناس.
ولأن الأمر أصبح يتعلق بالشهرة والمال ، فلذلك زاد التنافس بينهم وبين غيرهم ، ومع ظهور التنافس ظهر الإستعلآء على الآخرين ، ومع ظهور الإستعلآء على الآخرين أصبح هناك محاولآت للتقليل من شأنهم ، ثم الهجوم عليهم والتشكيك فيهم وفى علمهم وتغــليطهم ، ويصل الأمر لحد عدم الألتزام بالخلق والسلوك الإسلآمى الذى يدعون الناس للإلتزام به فى صراعهم مع الآخربن ، وقد إستعملت كلمة صراع هنا وأنا أعنيها. فنرى عالما منهم يصف عالما أخر يختلف معه بأنه "كلب عاوى " ، فقد ألف كتابا للرد على أحد العلماء المشهورين سماه "إسكات الكلب العاوى ....".
ونرى أنه قد تجمع حواليهم عدد كبير من الشباب ، ينتشى بسماع خطبهم بدون أن يعى ما يقوله هولآء المشايخ وعيا فاحصا وناقدا. واصبح لهولآء الشباب من الأتباع خصائص معينة منها ضيق الأفق وضيق العقل ، والتعصب الأعمى لمشايخهم وضد معارضيهم ، وعدم مراعاتهم للأدب والزوق فى مخاطبة من يختلفون معهم.
وإليك مثال يريك كيف يفهم هؤلآ المشايخ الدين الإسلآمى إذا تجاوزوا الحديث عن العقيدة والعبادات ، وإنتقلوا إلى الحديث عن أحكام تتعلق بالمعاملآت العامة:
كان هناك شريط فيديو فى النت لأحد هؤلآء المشايخ المشهورين ولكنه قد محى ولم يعد مجودا ، تحدث الشيخ فيه عن الجهاد فكان كلآمه جيدا ومعقولا حتى منتصف الشريط ، ثم أراد أن يسقط ما ألقاه على سامعيه و محبيه على الواقع الذى نعيشه فقال بالعامية :
"هو الفـقــر ال إحنا فيه دا من إيه؟ مش لأننا تركنا الجهاد والغزو؟ لو كنا بنغزوا كل سنه مرة أو مرتين ، لكان كل واحد فينا يرجعله بأربعه أو خمس شحوطه ، وتلآت أو أربع نسوان ، وكام ولد ، وكل دول مال ، يعنى لما ينزنق ياخد له راس منهم ويبيعه ، يأوم يفك أزمته"
هذا هو كلآم شيخ يقال عليه أنه أعلم إهل الحديث ولآ يزال يذهب الى كل مكان فيجتمع حوله المئات من الشباب ، ولآ يزال يظهر فى التلفزيون يقدم علمه للناس ، والشهاة لله هو من أفضل هؤلآء المشايخ سمتا وأدبا ، ولكن:
أليس هذا عرض مخل للإسلآم؟
أى البلآد نغزوا ، وإذا رجع عدد 20 إلف غازيا كل منهم يصحب عشرة من السبايا لبلغ عددهم 200 ألف رجل وإمرأة وطفل ، فأين يحتفظون بهم ؟ وأين سيجدون سوقا "للنخاسة" يبيعونهم فيه؟ وهل يغزون إسرائيل أم بلآد اليونان ، أم بلآد الطليان ، أم فرنسا ، أم جنوب السودان أم جنوب إفريقيا؟
والجدير بالذكر أن تاريخ هذا الشريط هو نوفمبر عام 2008. ففى أى عصر يعيش هذا الشيخ؟
و فى يوم 11 يناير من هذا العام ، و كان يوم جمعة و عشرات الآلآف من الشباب المصرى و اقفون يؤدون صلآة الجمعة فى ميدان التحرير كان هناك شيخا واقفا على منبره فى أحد المساجد يخطب فى الناس ، وكان موضوع خطبته المكتوبة فى 29 صفحة هو "حقيقة التغير" ، يشرح فيها هذا التغيير وأهدافه والقائمين به ، ومسجده مملوء بالشباب ، فقال فيما قال أن هذا التغيير لآ يهدف إلآ إحداث الفوضى:
"الْفَوْضَى الَّتِي يُرَادُ إِحْدَاثُهَا فِي مِصْرَ: هِيَ تَفْكِيكُ الْمُجْتَمَعِ الْمِصْرِيِّ، ثُمَّ إِعَادَةُ تَرْكِيبِهِ عَلَى الْأَجِنْدَةِ الْغَرْبِيَّةِ فِي الْعَقِيدَةِ, وَالْفِكْرِ, وَالْحَيَاةِ, وَالْأَخْلَاقِ, وَالسُّلُوكِ.
هِيَ إِزَالَةُ الْإِسْلَامِ وَإِحْلَالُ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ.
..... وَلَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ أَتَوْا بِالْجِمَالِ وَالْخُيُولِ إلَى الْمَيْدَانِ إِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ يُوصِلُوا رِسَالَةً مَضْمُونُهَا:
أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَدْ خَرَجُوا -هَذَا الْخُرُوجَ الْقَبِيحَ- مُتَقَدِّمُونَ تَقَدُّمِيُّونَ، وَأَنَّ الَّذِينَ يُنَاوِئُونَهُمْ رَجْعِيُّونَ مُتَخَلِّفُونَ!
هَؤُلَاءِ الْخَارِجُونَ يُرِيدُونَ عَصْرَ الْفَضَاءِ، وَالَّذِينَ يُنَاوِئُونَهُمْ يُرِيدُونَ عَصْرَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْجِمَالِ!
إِنَّهَا رَمْزِيَّةٌ فَاضِحَةٌ مَفْضُوحَةٌ لَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ سَعَى إِلَيْهَا وَنَفَّذَهَا؛ لِيَعْلَمَ الْعَالَمُ كُلُّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ التَّقَدُّمِيُّونَ! هُمُ التَّحَرُّرِيُّونَ! هُمُ الَّذِينَ يَعِيشُونَ الْعَصْرَ, وَيُرِيدُونَ أَنْ يَأْخُذُوا بِأَيْدِي أَبْنَاءِ مُجْتَمَعِهِمْ إِلَى جَادَّتِهِ وَسَوَائِهِ!! "
و هذا هو الإسلآم المختصر كما أردت أن أبينه فى هذا الجزأ وسوف أستكمله فى الجزأ الثانى بإذن الله.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألآ إله إلآ أنت أستغفرك وأتوب إليك
ناجى الزين