احمد محمد الزين المدير العام
عدد المساهمات : 146 تاريخ التسجيل : 12/01/2011 الموقع : كوم النور بلد العظماء
| موضوع: عندما تحتاج إلى المحامي السبت فبراير 19, 2011 7:58 pm | |
| مجلة المحاماة - العدد الثالث والرابع السنة التاسعة والعشرون عندما تحتاج إلى المحامي - هل تنتظر حتى تتعقد الأمور وتلاقي المتاعب قبل استشارة المحامي ؟ - إليه ما تقوم به نقابة (شيكاجو) من المساعدة القضائية للجميع بأتعاب معقولة. يغلب الاعتقاد عند الناس فيتصورون القانون أنه أمر لا مساس له بهم إلا في بعض الأوقات الدقيقة كالزواج أو كالقبض عليهم للإسراع بالسيارة. ولكن الحقيقة أن القانون محيط بالإنسان منذ مهده إلى لحده بل وبعد الوفاة. وفوق ذلك فمثل القانون كمثل غابة مملوءة بالحفر تضل فيها قدم الرجل الذي لا يحتاط لنفسه ويتحسس أين يضع قدمه. ويمكن لأي إنسان أن يلاحظ أحد الشبان الذين سرحوا بعد انتهاء الخدمة على باب نقابة محامي شيكاجو وهو في حالة سيئة جالسًا على حافة كرسيه يكاد يمزق غطاء رأسه بيديه وعند ما حان دوره للدخول على المحامي (شارلس لند) فتح الباب واستمر يذرع الغرفة جيئة وذهابًا يقول (زوجتي في السجن، يلزمني دفع المعين من الدولارات للإفراج عنها، ليس معي هذا المبلغ. ماذا أفعل ؟ إن أهل شيكاجو المتوسطي الحال يلجأون إلى (مشروع المساعدة القضائية) كلما كانوا في حاجة إلى استشارة قضائية. وفي السنين السبع التي نفذ فيها هذا المشروع سمع (لند) كثيرًا من طلبات المساعدة المبنية على أسباب غريبة. وبعد أن يسمح للطالب بالجلوس يقدم له سيجارة ويقول له (اذكر لي ما حصل). وتبدأ القصة بحادث بسيط من حوادث الجيران وهي كسر (قصرية زهور)، ولكن المشاجرة تطورت ونمت ثم حصل سب في الطريق العمومي ورفعت دعوى السب. واستمر الشاب يقول (كل هذه الشوشرة أثرت على زوجتي) ثم توقف هنيهة ليبلل شفتيه واستمر (لما وصلها إعلان الحضور للمحكمة كانت مريضة طريحة الفراش، ولم أتمكن من إخطارها عنه مطلقًا وظننت أنه ما دامت أنها لم تعلن شخصيًا فلا أهمية له ولم نشعر إلا والبوليس حضر للقبض عليها وإيداعها السجن وقالوا إن الحكم صدر غيابيًا وبسبب الأضرار فان زوجتي تودع السجن حتى تدفع التعويضات). وهنا يرفع لند سماعة التليفون ويطلب أحد النمر ويقول للزوج المستعجل (سأبحث لك عن محامٍ يتولى إخراج زوجتك من السجن وسينظر فيما يجب عمله لإلغاء الحكم ولكن أيها الإنسان لماذا لم تحضر لنا قبل ذلك ؟). يفقد الناس حياتهم ويعرضون شؤونهم إلى المشاكل الشائكة كثيرة المصاريف وذلك لأنهم يمشون للأمام بدون انتباه إلى ما يحيط بهم من زناد السلاح أو الثعابين وقد غطى القانون كل الممر وهم لا يأبهون إلى النصيحة المتكررة (قابل محاميك أولاً). ويكاد الأمريكيون لا يذهبون للمحامي إلا بعد وجود النزاع والرجل المتوسط لا يعرف كيف يصل للمحامي ليستشيره ويخشى من المصاريف. والحقيقة أن الجمهور لا يعطى المساعدة القضائية التي يستحقها وفي الإحصائية الأخيرة تبين أن ثلاثة أرباع المصالحات والاتفاقات المبنية على القانون قد تمت بدون مساعدة أي رجل من رجال القانون مطلقًا وقد قدر أحد الرجال المسؤولين أن سنة بعد سنة زيادة عن مائة مليون أمريكي لم يصلوا لاستشارة المحامين أو للمساعدة القضائية. والناس في الظروف العادية الحالية يتحملون نتيجة عدم وجود المساعدة القضائية فالأغنياء منهم رجال ونساء لهم محامي العائلة ووسطهم يمكنهم دائمًا من الاختلاط بكبار المحامين وفي الجانب الآخر من الجيران الفقراء من الناس الذين لا يتمكنون من دفع مصاريف المحامين يمكنهم أن يحصلوا على المساعدة القضائية بدون أجر عن طريق نظام (جمعيات المساعدة القضائية). أما الطبقة المتوسطة فإنها لا تدري أين تتجه للحصول على المساعدة والرجل صاحب المرتب البسيط أو المرأة الذين يكون لهم قضية لهم الحق في أخذ رأي المحامي بدون أن يتجرد من ماله بمصاريف باهظة أو بدون أن يكون تحت نظام مساعدة الفقراء من باب الإحسان. ومنذ سبع سنوات فكر بعض أعضاء نقابة المحامين بشيكاجو في وضع نظام ليتمكن أمثال هؤلاء الناس من الوصول إلى المساعدة القضائية اللازمة لهم وسموه (مشروع الرجوع إلى المحامي) واحتضنته نقابة شيكاجو. وكان قبل سنة 1940 عند ما تطلب من النقابة المساعدة يسلمونك كشفًا بأسماء المحامين لتختار منهم من تريد وأنت وحظك. أما الآن فإن النظام يحدد لك فورًا ميعادًا مع أحد المحامين اللائقين لمباشرة قضيتك وتدفع له أجرًا بسيطًا جدًا للنصف الساعة الأولى التي تمكثها معه لاستشارته في دعواك فإذا احتاجت القضية إجراءات أخرى فإنك وهو تتفقان على أجر بسيط لمباشرتها وفي حالة الخلاف تقدر النقابة ما يجب دفعه. ورئيس هذه الجماعة (شارلي لند)، وهو رجل اجتماعي في سن الثلاثين وهو محرك هذه الماكينة وبدأ مع النظام وعاصره للآن إلا فترة صغيرة قضاها في الحرب. وكل يوم من الساعة 9 إلى الساعة 4 تزدحم غرفة استقباله بالناس المحتاجين إلى اختيار المحامي - قضيت أسبوعًا في شيكاجو في مكتبه استمع إلى طلبات الزائرين، هذا رجل وامرأته اشتريا مزرعة برتقال ويريدان محاميًا يراجع العقد، وهذه سيدة أنيقة إلى حد ما تريد مطالبة عامل التنظيف الذي أضاع فستان السهرة، وهذا عسكري مسرح دفع ثمنًا أعلى من التسعيرة في عربة مستعملة، وهذه امرأة مطلقة منذ 23 سنة ترى أن الوقت قد حان لمطالبة زوجها بالنفقة. وهو يقول لهم إن استشارة المحامي لا تكلفكم إلا ثلاثة دولارات وإن زادت عن نصف ساعة فهي بخمسة دولارات وإذا احتاجت إلى أعمال أخرى يمكن الاتفاق عليها والنقابة مستعدة إلى تحديدها. وفي أثناء ذلك يدق التليفون وصوت سيدة تصرخ في التليفون (ابني قبض عليه هو قذف هل يمكن إخراجه بكفالة). فيفهمها (لند) أن كل جريمة يمكن الإفراج فيها ما عدا القتل والخيانة وأن القذف يعتبر أخف الجرائم. وهذا صوت آخر (لم يدفع لي مخدومي استحقاقي عندما أخبرته أني أريد تركه كيف يمكني الوصول إلى حقي). وفي ركن القاعة يجلس شاب في سن التاسعة عشرة وشابة عليهما سيماء الجمال والخجل ويقول الشاب نحن نريد الزواج عائلتها موافقة أما عمتي فرفضت بدعوى إني صغير السن مع أنني منذ أن كان سني 14 سنة كنت أعول نفسي. فيسأل (لند) هل تعرفان بعضكما منذ عهد طويل فيجيبان أنهما يعرفان بعضهما منذ ست سنوات فيسأله (هل لك قريب يوافق على زواجك) فيجيب له أخ سنه 25 يرى أن يتم الزواج. فيتصل (لند) مع محامٍ بالتليفون ويقول له عندي قضية لك هل يمكنك أن تتخذ الإجراءات لاستبدال الوصي هل يمكن مقابلة الزبون الآن وبالتقريب 4 من 5 من الزوار وعددهم يوميًا يبلغ أربعين أو خمسين لم يصبحوا في حاجة إلى محامٍ فهو يتمكن من استخلاص الحقيقة منهم ويتبين أن حضورهم كان نتيجة للغضب والتسرع. وفي كثير من الأحيان يكون الزائر في حاجة إلى عمل اختصاصي فيرسله إلى المحامي المختص في تحرير عقود الشركات أو لتسجيل اختراعه إلخ. وقد تعجبت من القدرة على تلبية الطلبات المتعددة المتنوعة فهذا يطلب محاميًا يعرف جهة معينة ليحرر له عقد شركة منزل فيبحث (لند) في أوراقه ويرشده على محامٍ ملم لتلك الجهة ويتبين أنه في المنزل المجاور. ودخلت عليه فتاة تطلب منه محاميًا للدفاع عنها في قضية إصابة سيارة تنظر باكر الساعة 10 صباحًا فقال لها إنني لا يمكني إرشادك عن أحد يتولى الدفاع عنك في هذه المدة القصيرة اذهبي إلى المحكمة واطلبي من القاضي استمرار الجلسة حتى توكلي محاميًا للدفاع عنك وهو سيعطيك الأجل وبعدها احضري للنظر في أمرك. ومن المسائل التي تغيظ لند وتخرجه عن حلمه أولئك الناس الذين يحررون عقد مشتري المنزل ويوقعون ويدفعون جزءًا من الثمن ثم يأتون للمحامي ليسألوه هل الأوراق مستوفاة. وقد دفع زوجان حديثان في السن مبلغ 300 دولار لجارتها لشراء فيلا صغيرة لتمضية آخر الأسبوع فيها وقال لها لند وأنتما لا تعرفان إن كانت جارتكما تملك هذه الفيلا من عدمه أنه ظهر أنها لا تملكها فإن إرجاع ما دفعتماه صعب جدًا. ولند كمحامٍ يجتهد أن يتصرف في 80 % من المسائل بدون الاحتياج للمراجعة. طلبت منه إحدى البنات أن يحرر لها توكيلاً لحبيبها في الجيوش المحتلة باليابان لعقد زواجها فأفهمها أنه غير مصرح هنا بعمل توكيل للزواج. وطلبت منه سيدة رفع دعوى طلاق على زوجها لأنه هجرها منذ ستة أشهر فأخبرها أن القانون لا يسمح بالطلاق إلا إذا مضى على الترك سنة. وسألته زوجة أحد الذين أصابتهم عربة الغسيل وموجود بالإسبتالية عن الإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوقه فأجابها بأن توصيه أن لا يوقع على شيء مطلقًا حتى يشفى ويخرج من المستشفى ويقابل المحامي والأحسن أن تعرضيه على طبيبك كما يكون من الصواب جمع أسماء الشهود الذين شهدوا الحادثة. وهذه الخدمات كلها مجانًا وفي حالة ما إذا احتاج الأمر لاستشارة المحامي واستحقت الثلاثة دولارات فإن هذه الثلاثة دولارات لا تدفع إذا تم الاتفاق مع المحامي على مباشرة الدعوى وأخذ نصيب في الماية مما يحصله. ورغمًا عن أن المشروع لم يعلن عن أجر رسمي فإن عشرة دولارات وهي الأجر العادي لتحرير وصية من صحيفة واحدة أما الطلاق فأجره ماية دولار بخلاف أربعين دولار رسوم المحكمة وفي مدى السبع سنوات التي مر فيها المشروع لم تتقدم للنقابة غير شكوى واحدة ظهر أنها نتيجة سوء فهم من الزبون. وإذا رجعنا إلى يناير سنة 1940 نجد أن هذا المشروع قد نما وترعرع وأنه استعمل 16000 تليفون وبواسطة واستعلامات وأرسل للمحامين كل سنة ما يزيد على 1600 زبون جديد وقد انضم له زيادة عن ثلاثماية محامٍ ومنهم من مشاهير أعضاء نقابة المحامين بشيكاجو ولهم اختصاصات متعددة مثل المشهورين في الجنائي أو الضرائب أو مكافآت وتعويضات العمال. وعندما فكر في هذا المشروع لأول مرة هز بعض المحامين العجائز رؤوسهم وتمتموا أن النقابة تريد أن تلقي في أتون النقابة نارًا. ولكن بعد أن تبين أن المشروع لا شأن له بعلاقة الزبون بمحاميه ماتت هذه التمتمة أما الآن فإن أغلب محامي شيكاجو يؤيدون المشروع على أساس أن النقابة اتخذت خطوة طيبة نحو إزالة الخطر عن مهنة ومزاولة أعمال القانون ويعتقد الناس أن الوصول إلى المحامين بأجور سهلة فنقص التقاضي. إن الدعاوى تنتج من ترك الناس لشؤونهم مهملة حتى لا يمكن لغير القاضي والمحلفين الفصل فيها. وكان الأمر عندما نشأ المشروع أن الأهالي كانوا يستشيرونه لحل قضاياهم أما الآن فإنهم يستشيرون لمنع التقاضي وهكذا عرف الجمهور فائدة الالتجاء للمحامين.
| |
|