نقلا عن موقع شباب الاهرام يوم 27/1/2011
منذ اسبوعين خرج ليحذر من حالة عدم الرضا التي يعيش فيها المواطن المصري، وحذر من رد الفعل الذي يمكن أن يحدث، وقتها لم يكن يتخيل – أبدا - أن ما يتحدث عنه سيحدث بهذه السرعة ، عماد الدين أديب يحلل لبوابة الشباب ما حدث في مصر في اليومين الماضيين ، ونتائجه التي قد تمتد لسنوات قادمة
كيف ترى ما يحدث؟
اللي حصل هو حركة شباب ممن يتعاملون مع الانترنت ، شباب مرحلته السنية من 18 إلى 30 سنة، من شرائح اجتماعية مختلفة، الشيء الوحيد الذي يجمع بينهم هو أنهم موجودين على الإنترنت، رؤيتهم للعالم وانفتاحهم عليه يأتي من خلال وسيلة غير تقليدية ، ارتباطهم ليس بالثقافة المحلية أو الإعلام المحلي، ولكن بحركة العالم وثقافته، هؤلاء الشباب يعرفون كيف يفكر العالم، حركات الاحتجاج في العالم بيحصل فيها إيه، بيحصل ايه في المنطقة، في نفس الوقت عنده مشكلة، إما إنه لم يجد عملاً، فالحصول على وظيفة صعب، أو هو يعمل فعلا ولكنه يشعر بأن الحياة صعبة والاسعار كبيرة والخدمات بالنسبة له ليست كافية ، في نفس الوقت الشباب دائما ما يحلم بمجتمع أفضل، و هو ماعندوش وسائل يعبر فيها عن رأيه غير انه يطرح أفكاره و يحدث نوع من الاشتباك الفكري أو الأخذ والرد ، بينج بونج، كرة تترد له من طرف آخر، هذا الأخذ والرد يستطيع أن يطرح فيه رأيه وفي نفس الوقت يتم الرد عليه وتصحيح هذه الأفكار والاستفادة من الخبرات الأخرى، فهو يعيش بجسمه في أرض مصر ولكن بعقله مع مجتمع العالم.
أفهم من ذلك أن ما يحدث منذ أول أمس لا يقف وراءه إلا قوى الشباب البريء كما وصفته ؟
ما حصل يوم 25 يناير يجب التفريق فيه بين عدة قوى، فرق بين قوة الشباب البريء ذو الاحلام الذي يريد ان يتظاهر بشل سلمي كي يطرح ما يشعر به، وما بين من أرادوا مساء هذا اليوم أن يركبوا موجة هذا الاحتجاج من القوى السياسية المنظمة اللي ثبت على طول الفترة أنها مش قادرة توصل للشارع وتحركه، ومالهاش رصيد فيه، وبالتالي تركب موجة الاحتجاج أو حركة هؤلاء اللي هي حركة غير مسبوقة في شكلها أو حجمها أو تنظيمها ، الدولة حينما سمحت، سمحت للشباب هؤلاء، الحكومة عندها مشاكل مع الحركات الأخرى ذات الأجندة السياسية، الأحداث حينما تطورت كان هناك خوف أن تتحول حركة الشارع، اللي مازلت أقول أنها حركة إيجابية مشروعة مادامت بالشكل السلمي المشروع وبالشكل الذي تنص عليه كافة مواثيق حقوق الانسان في العالم، هذه الحركة كان هناك محاولة لاختطافها ليله 25 – 26 ، فبعد 12 مساء دخلنا في مرحلة أخرى ، والمفروض إننا نطرح سؤال، ماذا نفعل مع هذه الحركة الاحتجاجية، إن احنا ننكر وجودها؟ إن احنا نصم الآذان عن الاستماع إليها؟ أم نبدأ أولا بأننا نفهم هذه الظاهرة التي تؤكد كل التقارير المحايدة أن أغلب من ذهبوا لهذه المظاهرات كانوا أول مرة ينزلوا الشارع ، أول مرة في حياتها تمارس الاحتجاج، هي ليست قوى منظمة سياسيا غير أنها أرادت أن تقول كلمتها، من هنا بدلا من أن ندفن رؤوسنا في الرمال ونتجاهلها، يجب أن نفهمهم ونحاورهم، لأن التجاهل ممكن أن يؤدي إلى استفحال الظاهرة، وهي ظاهرة أن هناك من يحتج ويصرخ وهناك من ينكر وجوده أو لا يستمع له ، هنا مطلوب من مراكز الابحاث ومن المهتمين بشئون الشباب، مطلوب منكم فى بوابة الشباب أن تجيبوا عن سؤال: من هؤلاء، ما هي مطالبهم، كيف يمكن أن تكون هناك قنوات مشروعة ومستمرة للتواصل معهم حتى لا يؤدي الإنسداد إلى تفجر الموقف، لابد أن ترفع القوى السياسة ذات الأجندات الخاصة يدها عن هذه الحركة وتتركها لنفسها لتخوض تجاربها ولا تسعى لاختطافها، أدعوا الشباب نفسهم أن يكونوا آرائهم وطرق توصيل هذه الآراء بالشكل الذي بدأوا به وهو الشكل السلمي الشرعي الذي لا يؤدي بأي شكل من الأشكال إلى خطرين، الخطر الأول هو الفوضى، الخطر الثاني هو إختطاف هذه الحركة من قوى فشلت في أن تحرك الشارع وتحاول أنها تسيطر على هذه الحركة لمصالح ضيقة خاصة بها .
ما الذي تقصده بالقوى التي تحاول اختطاف احتجاج الشباب، هل تقصد الإخوان مثلا وما قيل عن محاولتهم لركوب الموجة واختطافها مساء يوم 25 ؟
كل القوى التي سبق لها أن خرجت في الشارع بحركات احتجاجية وكانت دائما في حدود 200 أو 300 شخص يروحوا يقفوا عند دار القضاء العالي ، هي قوى تعبر فقط عن هذا الحيز الضيق، لكن هي ليس لها رصيد في الشارع ولا عندها نقاء أو براءة هؤلاء الشباب، الشباب يمثلون 65 % من المرحلة السنية من تعداد سكان مصر، مانقدرش ننكر وجودهم أو نتجاهلهم، مانقدرش أيضا أن ننكر أنهم أصحاب المصلحة الحقيقية في مستقبل مصر، أي حد من هذه المستويات العمرية هو الذي سيقود مصر في 10 أو 20 أو 30 سنة جايه، في مناصب الدولة أو في المجتمع أو الوظائف العامة أو القطاع الخاص، ليس لنا مصحلة سوى فهم هذه الحركة ودراستها جيدا وعدم تعميم الأحكام بأنها كلها تنتمي للون واحد وأن كل من خرجوا هم من نسيج واحد .
ألا ترى أن القوى السياسية الشرعية - مثل الأحزاب - فشلت في التعامل مع الحدث؟
ليس فشلاً فالحادث لم يمر يومان عليه ، هناك غياب كامل للتعامل مع هذا الموضوع، الموضوع تم التعامل معه من منظور حمايته من ناحية الأمن وضبطه ومنعه من التوسع، لكن الان يجب أن يكون هناك مشروع سياسي كامل بمعرفة هذا الوارد الجديد الخارج على الحياة السياسية المصرية ومحاولة التجاوب معه وفهمه بدلا من إنكاره أو محاولة تحويله من قوى "عندهم وجهة نظر" إلى قوى " معادية"، مالناش مصلحة أن أبناءنا وشبابنا يصبح كارهاً، ممكن يكون معترضاً، ده من حقه، لكن لو أخطأنا فى التعامل مع الموضوع نقلناهم من خندق المعترض أو المحتج أو صاحب وجهة نظر ومشروع إلى متخندق بالضرورة ضدنا نحن المجتمع.
وما رأيك في تعامل الحكومة مع الموقف؟
لسه ماشوفناش تعامل، أتحدث عن الخطوط العامة، نحن نريد – وهذا لم يحدث حتى هذه اللحظة - طريقة للحوار والتواصل والفهم والدراسة التي يكون نوعاً من الاحتضان الأبوي في التعامل مع أبنائنا الذين يحملون وجهة نظر.
منذ أسبوعين حذرت من حالة عدم الرضا الموجودة في الشارع المصري، هل كنت تتوقع أن تحدث الاحتجاجات بهذه السرعة ؟
أتحدي لو أن أحداً كان يتوقع ما يحدث، حتى الذين قاموا بهذه الحركة نفسها لم يتوقعوا هذه الاستجابة بهذا الشكل ورد الفعل، الحدث فاجأ الجميع، مش عيب أننا نتفاجئ، لكن العيب أننا بعد أن يحدث الحدث لا نحاول أن نقرأ نصه قراءة متأنية لا توجد فيها أفكار أو أحكام مسبقة، ولكن نطرح السؤال ، من هؤلاء؟ كيف يمكن أن نتعامل معهم.