الكاتب : أحمد كمال
المصدر : صفحة من صفحات الفيس بوك
العلمانية ، الدولة الدينية ، أيديولوجية ، الليبرالية ، براجماتية ، النظام البرلماني ... حد فاهم حاجة؟ الكلام في السياسة أصبح هو الحديث اليومي ، وبعد أن كان الشعب المصري لا يهتم بها وجد نفسه فجأة مطالبا بأن يتخذ قرارات سياسية ، وأصبح رجال السياسة والقانون نجوم المجتمع ، بدلا من أهل الفن والكرة ، وفرض هذا على الناس العادية أن يستمعوا لحوارات و خناقات "النخبة" وسط أطنان من المصطلحات الجديدة ، بل أصبح قاموس الشارع العادي ملئ بأجندة ، وفلول ، والثورة المضادة ، والدستور ، والاستحقاقات ، والمكتسبات ، والشرعية الثورية ، إلى آخر المصطلحات التي أصبحنا نستخدمها ببساطة مثلما كنا نتحدث عن الأوف سايد ، والهاف باك ، والفرود ، والليبرو
توجد مجموعة من المواضيع المحرجة التي تسبب أزمة حوار على كل المستويات ، والسبب الأساسي في رأيي أن النخبة يتكلمون في وسائل الإعلام بمصطلحات أكاديمية لا يفهمها الناس بوضوح ، أو تترجم بطريقة خطأ ، وهم يستعملون هذه المصطلحات بهدف:
1- إثبات أنهم من النخبة المتخصصين ويعرفون هذه المصطلحات
2- فرض حالة من الرهبة و الأهمية لكلامهم وسط الناس
3- لأنهم أكاديميين أصلا ولا يعرفون كيف يتعاملون مع الناس
أولا الدولة الدينية والدولة المدنيةطبعا إحنا لما بنتكلم عن الدولة الدينية بنقصد الدولة الإسلامية ، وفي تفكيرنا تاريخ الإسلام بداية من دولة الرسول عليه الصلاة والسلام ، ثم الخلفاء الراشدين ، والدول اللي بعد كده كلها: الأموية والعباسية ، إلى آخره ، وطبعا الدولة الإسلامية مرتبطة عندنا بالخلافة والعدل والحرية والأخلاق والتقدم العلمي والقوة العسكرية وجوانب تانية كتير مشرقة ، والمقابل للدولة الإسلامية هي الدولة الكافرة أو اللي مالهاش دين ، واحنا نرفض إن دولتنا تكون كده ، وبالمعنى ده نبقى عايزين دولة دينية
وفي المقابل نلاقي الأكاديميين والسياسيين بيقولوا إن الدولة الدينية دي عيب جدا ، طيب ليييه؟
لأن تعريف الدولة الدينية (الثيوقراطية) في العلوم السياسية بيتكلم عن نموذج دول أوربا في القرون الوسطى ، أيامها كان البابا في روما له سلطة روحية على كل شعوب أوربا المسيحية ، يعني لو كفّر ملك من الملوك يبقى الملك ده مش حيلاقي حد يسمع كلامه تاني ، ولو قال في كفار في أورشليم ولازم نحررها ، يبقى لازم كل الملوك يبعتوا جيوش في الحروب الصليبية ، وهكذا ، وكل ده لأن الناس كانوا بيعتبروا البابا بيتكلم بإسم ربنا ، وممكن يمنح الغفران الأبدي أو اللعنة الأبدية لأي واحد ، لكن لما الناس اكتشفوا بعد كده إن النظام ده أولا مخالف لأصول الدين المسيحي ، وثانيا جابلهم تخلف بالنسبة لجيرانهم المسلمين المحظوظين قرروا يغيروا الكلام ده ، و يعملوا نظام جديد للحكم اللي هو الدولة المدنية ، وبالمناسبة استعانوا بكتب الحضارة الإسلامية في المجال ده ، ومن أهمها كتب ابن رشد وابن خلدون
ولذلك النهارده الغرب عندهم هسهس من إيران ، لأن نظام ولاية الفقيه بيخلي أكبر شيخ فيها سلطته الروحية أعلى من الرئيس نفسه ، يعني حاجة كده شبه بابا روما زمان ، ودي فعلا حاجة تخوف
يبقى هنا في سوء فهم رهيب: انت لما بتقول دولة دينية إسلامية بتقصد حاجة غير اللي السياسي بيقولها ، وده يفسر يعني إيه دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية ، يعني دولة مدنية (غير دينية بالمصطلح السياسي) لكن ثقافتها إسلامية ، والثقافة دي مستمدة من دين غالبية السكان لأن كل اختياراتهم الديموقراطية نابعة من شريعتهم ، لكن طبعا السياسي بيلاقي ده مصطلح غير منضبط لأنه اتعلم في سنة أولى سياسة إن الدين مالوش دعوة بالدولة ، وإلا تبقى دولة إيه؟ دولة دينية ، يعني وحشة آخر حاجة
وبالمناسبة دي العلمانية اللي بيقولوا عليها ممكن تبقى معنى تاني للدولة المدنية ، يعني العلمانية دي مش كفر؟ لأ مش كفر لو كان المقصود بيها اللي أنا كتبته فوق ده ، لكن لو المقصود بيها إن احنا ناخد الدين كده (وخصوصا الإسلام) ونلفه ، ونشيله في منديل ، ونحطه جوه محراب ، وميطلعش غير وقت الصلاة يبقى اللي بيقول كده عايز يستخدم مصطلح سياسي في إنه يغير ثقافة الشعب ويعزل الدين عن الحياة كلها ، وده شيء مرفوض وفاشل أساسا
ثانيا الديموقراطية وأخواتهااحنا شبعنا طبعا كلام عن إن الديموقراطية هي حكم الشعب لنفسه ، وفي خلط بيحصل لما حد يجي يقول لكن ربنا بيقول إن الحكم إلا لله ، يعني الحكم لربنا مش للشعب ، وتبقى خناقة ، لكن الموضوع ببساطة مافيهوش تعارض لأن في العلوم السياسية حكم الشعب لنفسه مش المضاد لحكم الله للشعب ، لكن المضاد لحكم الفرد للشعب اللي هو الديكتاتورية ، بمعنى آخر مش عايزين فرد أو أقلية تبقى متحكمة في مصير الأغلبية (زي ما كان الحزب الوطني عامل فينا) ، وده معناه إن لو الأغلبية مسلمة حانضمن إن الحكم يكون مسلم ، ولو الأغلبية محافظة حانضمن إن الحكم يكون محافظ ، وهكذا ، ولذلك عند كتابة الدستور يراعى إنه يكون بيعبر عن الشعب وظروفه ، يعني مش ممكن نتخيل إن الشعب المصري اللي أغلبيته مسلمين ومتمسكين بدينهم ميعبرش دستورهم عن كده ، دي قضية غير مطروحة للنقاش أصلا
طيب أمال إيه الليبرالية دي ، هي دي غير الديموقراطية؟ آه غيرها ومش شرط ييجوا مع بعض ، ليبرالية يعني بتضمن حقوق كل المواطنين سواء هم من الأغلبية أو من الأقلية ، يعني الأغلبية تحكم آه ، لكن تظلم الأقلية لأ ، ويبقى في مجموعة حقوق أساسية لكل المواطنين بغض النظر عن الدين أو الجنس أو السن أو اللون (المواطنة) ، إلى آخره ، ولحد كده ده شيء لا يتعارض مع الإسلام ، لكن خلي بالك إن الليبرالية دي من المصطلحات اللي بتتاخد على وجهين ، يعني ممكن نقول محتاجينها مثلا عشان نحمي الأقباط من التمييز ، لكن مش عايزينها تبقى مبرر للاعتراف بحقوق الشواذ في الزواج مثلا
مافيش داعي بقى نقعد نعد كل صور الحكم التانية زي الفاشية و الإقطاعية ، إلى آخره
ثالثا الفصل بين السلطاتلمجرد التذكير سلطات الدولة ثلاثة:
1- السلطة التشريعية: اللي هي بتقرر القوانين والاتفاقيات ، يعني البرلمان (مجلس الشعب) يراجع القوانين المقترحة من الحكومة أو يقترح هو قوانين ، ويتم الموافقة عليها بأغلبية الأصوات ، وطبعا البرلمان ده لازم يكون منتخب بشكل يخليه ممثل لكل الشعب ، وبكده يبقى الشعب هو اللي بيحكم نفسه (زي ما اتفقنا فوق)
2- السلطة التنفيذية: اللي هي الحكومة ، اللي هي الوزراء و المحافظين ، اللي هي بتحط خطة إدارة أجهزة الدولة التنفيذية لتنفيذ الأهداف المتفق عليها ، وعشان هي اللي في ايديها كل الأجهزة فبتم مراقبتها بواسطة البرلمان ، وبتخضع لأحكام القضاء
3- السلطة القضائية: اللي هي المؤسسات القضائية بأنواعها و النيابة الخاصة بكل نوع ، مفهومة دي ، لكن المهم إنها تكون مستقلة عن السلطتين التانيين
رابعا اليسار و اليمينآه مهمة قوي دي ، عشان كل شوية تسمع واحد بيقول على فكرة الحزب ده مش يساري ده قومي ، أو الراجل ده أنا كنت فاكره ليبرالي لكن طلع يميني محافظ ، هو إيه الموضوع؟
التعريف ده جاي من البرلمان الفرنسي من قبل الثورة الفرنسية ، عشان كان الأمراء والنبلاء ورجال الدين بيقعدوا على يمين الملك ، و كان ممثلي الطبقة الوسطى وعامة الشعب بيقعدوا على يسار الملك ، بس خلاص ، وضحت كده؟ كل التيارات النابعة من الأرستقراطيين أو رجال الدين تتسمى يمينية أو محافظة ، وكل التيارات الاشتراكية أو العمالية أو الشيوعية تتسمى يسارية أو تقدمية
طبعا في اختلافات بين التيارات اليسارية ، لكن دي محتاجة شرح كتير ، لكن تلاحظ كده من التقسيمة بين اليمين و اليسار إن اليسار ممكن يبقى أقرب للعلمانية منه للدين ، وإن اليسار حيبقى مهتم بحقوق العمال وبتوفير مساواة بين كل أفراد المجتمع وهكذا ، أما التيارات اليمينية ، فدي القوى المحافظة اللي بتحاول تحافظ على تقاليد وأوضاع المجتمع ، ومش شرط تكون مرتبطة بالدين ، والقصة دي برضه فيها كلام كتير يطول شرحه
يفضل كده إيه ؟ القوميين؟ دول بقى اللي بيركزوا جامد على إن وحدة الثقافة واللغة والتاريخ هي اللي بتخلق الأمة ، فتلاقي هدف القومية العربية هو تحقيق الوحدة العربية أو التكامل العربي ، وأشهر تياراتها التيار الناصري ، تلاحظ برضه إن الانتماء العربي ممكن يبقى جزء من الانتماء الثقافي الإسلامي ، وممكن يبقى حد عايز يعمله بديل له
خامسا جمهورية رئاسية ولا برلمانية؟ * سهلة دي: الجمهورية الرئاسية بيكون رئيس الجمهورية فيها هو رئيس السلطة التنفيذية ، وده أقرب أشكال الجمهورية قربا بالملكية ، لأن الحاكم مش بيشكل قراراته في البرلمان ، ولا يتبعه
* أما الجمهورية البرلمانية ، ففيها أغلبية البرلمان بتشكل الحكومة ، وبيكون رئيس الوزراء هو رئيس السلطة التنفيذية ، ورئيس الجمهورية بيكون دوره محدود ، والبرلمان بيبقى هو الكل في الكل
* وفي جمهورية شبه رئاسية أو نصف رئاسية ، ودي خليط من الاتنين اللي فاتوا
سادسا مصطلحات أخرى * لما يقول لك أيديولوجية يبقى قصده طريقة تفكير ، يعني رؤية محددة بيفكر من خلالها ، وعادة كل واحد بيحب يبين إن عنده أيديولوجية
* لما يقول لك براجماتي يبقى بيدور عن المصلحة ، وساعات بيبقى انتهازي بس عايز يتكلم بشياكة
* لما يقول لك انت ديماجوجي يبقى بيشتمك ، يعني بيقول لك انت بتتكلم بشكل عاطفي غير عقلاني لإثارة الجماهير ، مع إن ده الخطاب اللي كل السياسيين بيستعملوه في المؤتمرات الشعبية
* إيه كمان؟
الظاهر إني طولت جدا ، سلام عليكم