بســـم اللـــه الـــرحمـن الــرحــيم
مقدمةهناك علوم متعددة تهتم بدراسة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكل علم من هذه العلوم له إهتمام بجانب معين منها.
من هذه العلوم علم الأخلآق والسلوك الذى يهتم بدراسة القيم السائدة أو التى ينبغى أن تسود فى المجتمع المسلم وأخلآق الإنسان المسلم وسلوكه ودوافعه ، وما ينبغى أن يتحلى به أو لآ يتحلى به من الصفات.
ومن هذه العلوم علوم الحديث ، وهى مجموعة من العلوم تهدف فى مجموعها إلى التحقق من صحة ماروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق الدراسة النقديه الفاحصة لرواة السنة أو المحدثين وهو ما يطلق عليه " سند الحديث" و ما حدّث به وما رواه الرواه ، وهو ما يطلق عليه "متن الحديث" .
وعلوم الحديث علوم خادمة لعلم الفقه والفقه هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المستمدة من أدلتها التفصيلية. والأحكام الشرعية العملية يقصد بها أحكام العبادات وأحكام المعاملآت بشقيها الخاص والعام. ومجموع هذه الأحكام يسمى أيضا "الفقه".
والأدلة التفصيلية هى كل آية من آيات القرآن وكل حديت أو عمل أو تقرير صدر من رسول الله صلى الله عليه وسلم يمكن أن يستمد منها أو منه حكم شرعى عملى. وفى مقابل "الأدلة التفصيلية" يطلق العلماء لفظ "الأدلة الكلية" على القرآن و السنة فى مجموعهما والقياس والإجماع ، وهذه هى الأدلة المتفق عليها ، وهناك أدلة أخرى مختلف عليها مثل الإستصحاب والإستصلآح وغيرها.
فالفقيه يحتاج أن يكون بين يديه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرجة وموثقة من عالم الحديث ، حتى يستطيع أن يستخرج آحاد الأحكام الشرعية بالنظر فى الأدلة التفصيليه فى القرآن والسنة ، وهو فى سبيل ذلك لآ بد له من الإعتماد على عالم الحديث فيما إرتآه بشأن الأحاديث وما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى يكون ما إستخرجه من أحكام مبنى على أساس صحيح.
و مهمة الفقيه أن يقول لنا : ماذا ينبغى علينا ان نعمل؟ فإذا أراد المسلم أن يتزوج أو يطلق أو يقترض أو يكتب وصية أو يشترك مع غيره فى زراعة أو تجارة وغير ذلك من الأمور الخاصة ، فلآ بد له من أن يعرف الأحكام الشرعية المتعلقة بهذه الأمور من عالم متخصص (بعدما تفشى التقليد) وهوالفقيه حتى تكون أعماله موافقة لشرع الله تعالى ، ومن هذه الأمثلة أيضا : هل يجوزله أن يدلى بصوته فى إنتخابات أو أن يرشح نفسه لتمثيل دائرة إنتخابية فى البرلمان وهل يجوز له أصلآ أن يشترك فى برلمان مهمته سن ، وهكذا من الأمور العامة ، كل هذا لآبد فيه من معرفة رأى هذا العالم المتخصص، أعنى الفقيه الذى مهمته الأساسية إستخراج الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية ، ليبين لنا ماذا علينا أن نعمل ، لتكون أعمالنا موافقة لما نؤمن به من دين.
والفقيه يحتاج أيضا لمتخصص فى علم أصول الفقه مثلما هو محتاج لعالم الحديث:وعلم أصول الفقه هو العلم الذى يبحث فى مصادر وطرق إستخراج الأحكام الشرعية ، والبحث فى فلسفة التشريع الإسلآمى ، ويهتم باكتشاف روح الشريعة الإسلآمية ومكنونها وكلياتها وقواعدها ومقاصدها ، ويبحث فى الأحكام الشرعية ليبين الفرق بين الواجب منها أو المندوب والحرام أوالمكروه والمباح ، والمكلف وأهليته للتكليف وغير ذلك من الأبحاث العامة التى تجعل الفقيه فى موقف يسمح له بالبحث عن الأحكام التفصيلية لأفعال المكلفين.
فمهمة الفقيه أن يبين لنا ماذا علينا أن نعمل؟ وعلم أصول الفقه مهمته أن يبين للفقيه أين وكيف يجد الإجابة على هذا السؤال. وبهذا القدر نكتشف أن سلفنا الصالح من العلماء ، رضى الله عنهم وأرضاهم ، عرفوا التخصص وإلتزموا به ، فكان كل منهم متخصصا فى علم معين ، ولم يروا حرجا فى أن تكون علومهم خادمة لعلوم أخرى كعلم الفقه الذى هو محصلة كل هذه العلوم التى ذكرتها وغيرها لم أذكرها. ولم يجدوا حرجا أن يجعلوه فى الصدارة ليبين للناس أمور دينهم.
وما أهدف إليه من هذا البحث هو توضح وضع السنة التشريعى من وجهة نظر علم أصول الفقه أساسا ، وقد إرتأيت أنه لكى نفهم هذا الجانب فهما صحيحا ، لآ بد من التطرق الى بعض علوم الحديث حتى نفهم على سبيل المثال ماذا يعنى قولنا بأن هذا الحديث صحيح أو حسن أو ضعيف وكيف أتى هذا التقسيم وماذا يترتب عليه.
ومن الثابت أن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم هى المصدر الثانى للأحكام الشرعية ، وعلى المجتهد ، إذا أراد أن يبحث عن حكم شرعى معين ، أن ينظر فى القرآن أولآ ، فأن وجد الحكم الذى يبحث عنه أمضاه ، فأن لم يجده فعليه أن ينظر فى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يجده فعليه أن ينظر فى المصادر الثالث وهو إجماع الصحابة ، فإن لم يجد فعليه بالإجتهاد ، والإجتهاد هنا ليس إلآ القياس ، والقياس هو وسيلة لإستخراج الأحكام بشكل غير مباشر من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل حكم معلوم لشيى معلوم الى شيئ آخر حكمه مجهول إذا اشتركا فى علة الحكم ، كنقل حكم الخمر الى المخدرات لأشتراكهما فى علة الحكم وهو الإسكار.
تعريف السنهالسنة هى ما أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من قول أو فعل أو تقرير ، ولذلك يمكن تقسيم السنه الى سنن قوليه وسنن عمليه :
السنن القوليه هى ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ،
والسنن العمليه هى أفعاله وأفعال أصحابه التى وافق عليها وأقرها أو سكت عنها وكذلك أفعالهم التى لم يوافق عليها ولم يقرها ، لأنها بهذا الشكل تكون كما لو كانت قد صدرت منه.
حجية السنهكلمة حجية مشتقة من كلمة حُجّة وهى البرهان ، والمقصود بها الإجابة على السؤال الآتى :
هل سنة الرسول صلى الله عليه وسلم حجة علينا ومُلزمة لنا و واجبة الأتباع؟
والجواب نعم ، فلقد أجمع علماء المسلمين على أن كل ما صدر من رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير هو حجة على المسلمين وملزم لهم ومصدرا تشريعيا يأخذ منه المجتهدون الأحكام الشرعية لأفعال المكلفين ، فأحكامها مع أحكام القرآن تشكل قانونا لآزم واجب الإتباع.
ولكى تكون السنة ملزمة لنا بهذا الشكل ينبغى أن يتوفر فيها عدة شروط:أولآ : أن تكون قد وصلت إلينا بسند صحيح يفيد القطع ، أو الظن الراجح بأنها صدرت عنه صلى الله عليه وسلم.
ثانيا : أن يكون الرسول قصد بها التشريع
ثالثا : أن تكون صدرت منه بوصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالسنة التى توفر فيها هذه الشروط ملزمة لنا وحجة علينا ،
والدليل على ذلك هو:أولآ : القرآنلقد أمرنا ربنا تعالى فى آية كثيرة بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل وأكثر من ذلك أنه جعل طاعة الرسول طاعة له ، حيث يقول تبارك وتعالى:
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (أل عمران 31-32)
وقال تعالى :
مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (النساء 80)
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (محمد 33)
وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (النساء 83)
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (النساء 59)
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (الأحزاب 36)
فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (النساء 65)
.... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (الحشر 7)
ثانيا : إجماع الصحابة لقد أجمع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجوب إتباع سنته فى حياته وبعد وفاته ولآ يفرقون بين وجوب إتباع الأحكام ، سواء كانت صادرة من الرسول صلى الله عليه وسلم أو كانت أحكام قرآنيه.
فكان أبو بكر ، إذا عرضت عليه مسألة ، ينظر فى القرآن ، فأذا وجد لها حكم أمضاه ، فأن لم يجد سأل المسلمين هل فيكم من يحفظ فى هذا الأمر شيئا من سنة نبينا ، وهكذا كان يفعل عمر وسائر الصحابة وتابعيهم وتابعى تابعيهم بلآ إثتثناء.
وقد أثر عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قوله : أن لم أجد فى كتاب الله حكم ما أقضى به قضيت بسنة رسول الله.
ثالثا : وهذا شيئ ، معرفته فى غاية الأهمية أن الله تعالى فرض علينا عدة فروض بشكل مجمل ولا نجد تفصيلآ فى القرآن لأحكامها وكيفية آدائها. فقد قال تعالى:
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (البقرة 43)
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة 183)
فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (آل عمران 97)
فهذه آيات أوجبت الصلآة والزكاة والصيام والحج بدون تفصيل كيف نصلى ، وما مقدار الزكاة التى ينبغى أن ندفعها ، وكيف نصوم ونؤدى فريضة الحج؟ كل هذا بينه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنته القولية والعملية ، بناء على ما منحه الله تعالى من سلطة التبيين حيث قال:
....وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (النحل 44)
فإن لم نتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف يمكننا آداء هذه الواجبات؟فهذه السنن البيانية واجبة الإتباع ، طالما أنها وصلتنا بطريق يفيد القطع أو الظن الراجح أنها صدرت عنه صلى الله عليه وسلم ، وينطبق هذا أيضا على السنن التى أنشأت أحكاما شرعية سكت عنها القرآن لأنها كلها مصدرها المعصوم الذى منحه الله سلطة التبيين والتشريع.
فالسنة إما أن تكون :1 - مقررة ومؤكدة لأحكام وردت فى القرآن كالأمر بإقام الصلآة ولإيتاء الزكاة وصوم رمضان والنهى عن الشرك وتحريم شهادة الزور وعقوق الوالدين وغير ذلك من المأمورات والمنهيات التى دلت عليها الآيات القرآنية وأيدتها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
2 - وإما أن تكون سنة - مفسرة ومفصلة لما جاء فى القرآن بغير تفصيل ، أى مجملآ ، مثل السنن التى فصلت إقامة الصيام أو كيفية الحج ، فقد أمر القرآن بإقام الصلآة وإيتاء الزكاة وحج البيت ولم يفصل عدد ركعات الصلآة ولآ مقادير الزكاة ومناسك الحج والسنن القولية والعملية هى التى بينت هذا الإجمال ، وعلى سبيل المثال قد أحل الله البيع وحرم الربى والسنة هى التى بينت البيع الحلآل والبيع الحرام وأنواع الربا المحرم.
- أو مقيدة ما جاء فى القرآن مطلقا : فقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم موضع قطع يد السارق من الرسغ ، وهذا تقييد لأطلآق الآية الكريمه (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)
- أو تبين المراد منه عند الإحتمال : فإذا نظرنا الى الآية الكريمه (فأغسلوا وجوهكم وأيديكم الى المرافق) نجد أنها تحتمل تكرار الغسل وعدم دخول المرفقين فى الغسل وقد قيدت السنة الغسل بثلآث وأوحبت غسل المرفقين .
- أو أن تخصص عام القرآن : والعام هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له ، والتخصيص هو إخراج بعض ما يتناوله الخطاب ، يقول تبارك وتعالى:
[002 173] إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ .......
فالله تعالى حرم هنا كل الميتة والسنة هى التى أخرجت ميتة البحر(السمك) من هذا اللفظ العام (الميته)
3 - وإما أن تكون سنة مثبتة ومنشأة حكما سكت عنه القرآنومن الأمثلة على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها وحرم لبس الحرير أو التختم بالذهب على الرجال وحرم كل ذى ناب من السباع ومخلب من الطيور وتحريمه من الرضاع ما يحرم بالنسب ، فهذه أحكام سكت عنها القرآن ولكن سنتها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وحدها ومصدرها إجتهاد الرسول نفسه أو إلهام الله تعالى لرسوله .
وينبغى معرفة أن إجتهاد الرسول فى التشريع أساسه القرآن وتطبيق المبادى العامة لتشريع القرآن وما بثه الله تعالى فى نفسه من روح التشريع ومبادئه ، ولذلك لآ يمكن أن يقع تعارض أوإختلآف بين أحكام السنة وأحكام القرآ ن.
ومن هنا نرى خطأ من يرفض السنه ويدعى أن القرآن وحده كاف لإثبات الأحكام الشرعية ، وليس هذا خطأ فى التفكير فقط ، بل خروج عملى من ملة الإسلآم ، لأنه لآ يمكن لمسلم أن يطبق الأسلآم ، إذا إكتفى بالنظر فى القرآن الكريم وحده.
ما ليس تشريعا من أقوال الرسول وأفعاله.
عرفنا أن كل ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تشريعا لنا واجب الإتباع إذا كان قد صدر منه بوصفه رسولآ وأراد به تشريعا وإقتداء ووصل إلينا بطريق يفيد القطع أو غلب عليه الظن أنه صدر منه.
وهناك ثلآث حالات يختلف فيهن الأمر:1 - فقد قال تعالى : قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ....... (الكهف 110)
فأكد القرآن على بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولذلك فإن ما صدر عنه باعتبار بشريته وطبيعته الإنسانيه مثل قعوده وقيامه ومشيهه ونومه وطريقة شربه وأكله لآ يعد شرعا واجب الإتباع ، فإن مصدر هذه الأعمال ليس رسالته ولكن طبيعته الإنسانية ، ولكن إذا وجد قرينة ودل دليل على أن فعله مقصود به الإقتداء والإتباع كان هذا الفعل تشريعا لنا بهذا الدليل ، وأوضح دليل على ذلك أكله بيمينه وامره للصحابة بذلك.
2 - وما صدر عنه باعتبار خبرته الإنسانية وحذقه وتجربته فى الشئون الدنيوية من تجارة أو زراعة أو وصف لدواء أو تنظيم لجيش لآ يعتبر تشريعا لأنه أيضا غير صادر من رسالته ، وإنما من خبرته البشريه وتقديره الشخصى ، مثل مسألة تقبيير النخل وبناء الخندق ووضع الجيش فى موضع معين.
3 - وما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان هناك دليل شرعى على أن هذا خاص به ، كتزوجه من أكثر من أربع زوجات ، وإكتفائه فى إثبات الدعوى بشهادة الصحابى خزيمة وحده ، فليس تشريعا عاما ، بل لآجوز إنباعه فيه.
ورود السنة ، أو تقسيم السنة بحسب سندهاتنقسم السنة من جهة ورودها الى سنة متواترة وسنة مشهورة وسنة أحاد ، وها هو تفصيل ذلك:
السنة المتواترةمعنى التواتر: جاء فى مختار الصحاح أن "المواتَرة تعنى المتابعة ، ولآ تكون بين الأشياء إلآ إذا وقعت بينها فترة وإلآ فهى مداركة ومواصلة. ومواتَرة الصوم أن تصوم يوما وتفطر يوما أو يومين وتأتى به وترا ولآ يراد به المواصلة لأن أصله من الوتر ، وكذلك (واتَر بفتح التاء) الكتب (فتواترت) أى جاء بعضها فى إثر بعض وترا وترا من غير أن تنقطع.
والسنة المتواترة : هى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم التى رواها جمع من الناس يمتنع أن يتواطأ أفراده على كذب ، لكثرتهم أو لأمانتهم أولإختلآف أماكنهم وبيئاتهم ، ورواها عن هذا الجمع جمع مثله ثم جمع مثله وهكذا حتى وصلت إلينا بسند كله كذلك ، وهذا هو أعلى درجات الإسناد وهو يفيد العلم اليقينى .
ومن هذا القسم السنن العمليه فى أداء الصلآة وصوم رمضان والأذان والحج وغير ذلك من شعائر الدين. فقد شاهدت جموع المسلمين هذه السنن ونقلتها إلى جموع غيرها بالقول أو المشاهدة على مر الزمن وإختلآف العصور ومن قطر الى قطر بلآ إختلآف أو تحويير. وفى هذا يقول الأستاذ عبد الوهاب خلآف : "وقل أن يوجد فى السنن القولية حديث متواتر"
حد التواتر إختلف العلماء فى تحديد عدد التواتر فقال بعضهم عدد أُلى العزم من الرسل الخمسة ، وقال بعضهم بعدد أهل الكهف وهو سبعه ، وقيل عشرة ، وقيل عشرون ، وقيل أربعون ، وهكذا حتى وصل العدد إلى عدد أهل بيعة الرضوان 1500 شخص ، وكل هذه تقديرات لآ يوجد بينها وبين محل النزاع مناسبة. وضابط التواتر ينبغى أن يكون عددا كبير من الناس يفيد العلم واليقين.
السنة المشهورةالسنة المشهورة تختلف عن السنة المتواترة فى أن السامع أو الرائى الأول لهذه السنه صحابى أو صحابية أو إثنين أو جمع لم يبلغ حد التواتر ثم رواها عن هذا الراوى أو الراوية جمع لم يبلغ حد التواتر وهكذا حتى وصلت إلينا.
فالفرق بين السنة المتواترة والسنة المشهورة هى أن السنة المتواترة نقلها جمع غفير عن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ حد التواتر ، ثم نقلها عن هذا الجمع جمع غفير مثله وهكذا ، أما السنة المشهورة فقد نقلها عن الرسول صحابى أو إثنان أو عدد قليل ثم نقلها عنهم جمع غفير ثم جمع غفير وهكذا أيضا ، أى ان الإختلآف موجود فقط فى الحلقة الأولى التى نقلت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سنة الآحادهى مارواه عن الرسول صلى الله عليه وسلم آحاد من الناس ، واحد أو إثنين أو جمع لم يبلغ حد التواتر ، ورواها عن هؤلآء أيضا آحاد من الناس ، واحد أو إثنين أو جمع لم يبلغ حد التواتر وهكذا حتى وصلت إلينا ، معنى ذلك أن كل حلقة من حلقات ورود هذه السنن آحاد من الناس لم تصل أو لم تبلغ حد التواتر، وهذه الحلقات هى ما نطلق عليها طبقات السند.
قطعية السنة وظنيتها والفرق بينها وبين القرآنلقد وصل الينا القرآن كما هو معلوم ومعرف عن طريق التواتر ، والتواتر وسيلة تفيد العلم اليقينى كما ذكر سابقا ، وتعنى هنا العلم اليقينى بورود القرآن الكريم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى أوحى الله تعالى به الى نبيه وإنتقاله إلينا كما ورد عن الرسول ، و لذلك فأن من خصائص القرأن أنه قطعى الورود. ومن خصائص القرآن أيضا أنه ظنى الدلالة.
إذا فالقرآن قطعى الورود ظنى الدلآلة ، ولابد من شرح هذا التعبير"ظنية الدلآلة" بشيى من التفصيل:
ظنية الدلآلةنحن نعرف أن الحروف الأبجدية فى اللغة العربة تتكون من ثمانية وعشرون حرفا ، أى أنها حروف متناهية ، وبذلك تكون الألفاظ المكونة من هذه الحروف أيضا متناهية ، لأن المركب من المتناهى ، متناه مثله. أما المعانى فهى غير متناهية لأن الأعداد ، وهى مثل للمعانى ، غير متناهية ، ففوق كل عدد عدد اكبر منه.
فاذا وزعنا المعانى غير المتناهية على الألفاظ المتناهية لزم أن تشترك بعض المعانى الكثيرة فى اللفظ الواحد. وقد وقع ذلك فى القرآن فى عدة أماكن مثل لفظ "القرأ" الذي يعنى الحيض ويعنى أيضا فترة الطهر بين الحيضتين ، وقول الله عز وجل "والليل إﻨا عسعس" أى أقبل وأدبر. وقوله تعالى "إن الله وملآئكته يصلون على النبى" والصلآة لفظ مشترك وضع لمعان كثيرة ، فهى من الله المغفرة ومن غيره الصلآة والدعاء ، وغير ذلك الكثير.
معنى ذلك : أن نصوص القرآن كلها قطعية الورود والثبوت والنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الينا ، فنحن نجزم ونقطع بأن القرأن الذى نتلوه اليوم هو ما نزل على قلب الرسول الأمين بدون أى تغيير أو تحريف ، أما ما يتعلق بالمعنى فمنه ما هو قطعى الدلآلة أى لآ يمكن أن يفهم منه إلآ معنى واحد لآ يحتمل تأويلآ ولآ مجال لفهم معنى غيره ، ومنه ماهو ظنى الدلآلة ، فهو يدل على معنى محتمل وفى نفس الوقت يمكن أن يفهم منه أيضا معنا آخر كما تبين. وقد ﻨهب الإمام الشافعى أنه إﻨا لم توجد قرينة تدل على معنى بعينه وجب حمل اللفظ على جميع معانيه ، لأن حمله على بعض معانيه دون بعض ترجيح من غير مرجح.
وأما السنة فمنها ماهو قطعى الورود ومنها ما هو ظنى الورود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومنها ماهو قطعى الدلآلة ومنها ما هو ظنى الدلآلة ، والأمر يحتاج الى تفصيل:
أما من ناحية المعنى : فما قيل عن قطعية وظنية المعنى بالنسبة للقرآن فإنه ينطبق أيضا على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولذلك لآ حاجة للإعادة.
وأما من ناحية الورود : فالأمر يتوقف على كيفية هذا الورود:
فما ورد عن طريق التواتر : فهو قطعى الورود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن التواتر يفيد العلم اليقينى الخالى من الظن أو الشك كما ذكرت.
والسنة المشهورة : لآ بد من النظر اليها فى خطوتين بالعكس:
الخطوة الأولى وهى ورودها عن طريق الصاحبى : فقد وردت عن الصحابى بطريق التواتر ولذلك فإنها قطعية الورود عن هذا الصحابى ، أما الخطوة الثانية وهو ورودها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهى ظنية الورود عنه لأن الراوى لها صحابى واحد أو إثنين أو عدد لم يبلغ حد التواتر مما لآ يفيد العلم اليقينى ولكن الظن بأنها وردت عن رسول الله ، حتى وإن كان ظن راجح ، فهى بذلك ظنية الورود عن رسول الله ، قطعية الورود عن الصحابى الذى رواها ،
ولكن لآ بد من ملآحظة الآتى :
هذا الصحابى قد يكون عمر أو على أو عثمان أو عبد الله بن عمر أو أبو هريرة أو عبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم رضى الله تعالى عنهم جميعا ، وقد يكون صحابيات مثل أمهات المؤمنين كعائشة رضى الله تعالى عنها ، وهؤلآء الصحابة والصحابيات لآ يمكن ومن المستحيل أن يدّعوا قولا لم يصدر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو يدّعوا رُأية شيى لم يفعله الرسول ، فبذلك يكون حكم ورود هذه السنن هو حكم السنن المتواترة التى رواها من أول الطبقة الأولى جمع من الناس بلغوا حد التواتر.
ومن هنا نفهم سر الهجوم على أم المؤمنين عائشة رضى الله تعالى عنها ، أو التشكيك فى حفظ الصحابى الجليل أبو هريرة على سبيل المثال.
ان المستهدف من هذا الهجوم هو السنة نفسها ، وقد وضحت أهمية السنة بالنسبة للقرأن وأن إستخلآص أحكام الصلآة والزكاة والحج وغيرها من أحكام العبادات وأحكام المعاملآت منه بدون النظر فى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أمر غير ممكن ، فإذا إتضح ذلك ، تبين أن المستهدف هو الإسلآم نفسه.
ولآ بد هنا من الإشارة الى خطورة القول بأن الإسلآم عقيدة وشريعه ، لأن هذا الفصل بين الشريعة والعقيدة يسهل الهجوم على الشريعة ، بادعاء أن العقيدة لم يقترب منها أحد ، كما يقول العلمانيون و أعداء الشريعة ، والصحيح هو أن الأسلآم هو الشريعة ، والشريعة هى الإسلآم ، فالشريعة هى مجموع أحكام العقيدة والأحكام الخلقية وأحكام العبادات وأحكام المعاملآت الخاصة وأحكام المعاملآت العامة ، وهى كل لآ يتجزأ ولآ ينفصل ، فمن أراد إلغاء الشريعة أو جزأ منها فقد أراد إلغاء الإسلآم أو جزء منه ، ومن تعمد إهمال المعاملآت العامة بحجة أن "لآ سياسة فى الدين أو لآ دين فى السياسة" فقد آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض ، فالإسلآم وحدة واحدة ، ولآ يجوز التفريق بين أحكامه.
وأما فيما يتعلق بسنن الآحاد فكلها ظنية الورود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن طبقات رواتها لم يبلغو حد التواتر ، ولذك لآيمكن الجزم أو الظن الخال من الشك بأنها وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهنا يطرح السؤال التالى نفسه وهو:
إذا كانت هذه السنن ظنية الورود عن رسول الله صل الله عليه وسلم فكيف تكون حجة على المسلمين؟
وهذا يتقضينا أن ننظر فى علوم الحديث بالقدر الذى يسمح لنا بالإجابة على هذا السؤال:
لقد جاء فى كتاب مباحث فى علوم الحديث للأستاذ الشيخ مناع القطان رحمه الله توضيحا لعلوم الحديث كما فى غيره من كتب هذه العلوم ، أختصره فيما يلى:
علوم الحديث تشمل موضوعين رئيسيين: 1 - علم الحديث رواية : وهو العلم الذى يقوم على نقل ما أضيف الى النبى من قول أو فعل أو تقرير أوصفة خُلُقيّة أو خِلْقِيّة نقلآ دقيقا محررا.
وفائدته : حفظ السنة وضبطها والإحتراز عن الخطأ فى نقل ما أضيف الى الرسول صلى الله عليه وسلم
2 - علم الحديث دراية : وهو مجموع القواعد والمسائل التى يعرف بها حال الراوى والمروى من حيث القبول والرد:
والراوى : هو ناقل الحديث ، والمروى : هو ما أضيف الى النبى صلى الله عليه وسلم أو غيره من الصحابة أو التابعين.
والمقصود بحال الراوى من حيث القبول والرد هو : معرفة حاله جرحا وتعديلآ ، وتحملآ وأداء ، وسائر ما له صلة بنقله.
والمقصود بحال المروى : كل ما يتعلق باتصال الأسانيد أو إنقطاعها ، ومعرفة علل الأحاديث وسائر ما له صلة بقبول الحديث أو رده.
فموضوع علم الحديث دراية هو : السند والمتن من حيث أحوال كل منهما ، وفائدته هى : معرفة المقبول من المردود.
وقد أطلق علماء الحديث على علم الحديث دراية اسم "علوم الحديث" واسم "مصطلح الحديث" واسم "أصول الحديث" ذلك لأن العناية بعلم "الحديث دراية" نجم عنها عدد من العلوم ، حيث رأينا علماء هذا الفن يعتنى كل منهم بجانب من جوانبه ، ويُفرده بالتأليف ، فنشأت عدة علوم تحت اسم واحد هو "علوم الحديث"
وأهم هذه العلوم هى :1 - علم رجال الحديث
2 – علم الجرح والتعديل
3 – علم غريب الحديث
4 – علم علل الحديث
5 – علم مختلف الحديث و مشكله
وما طرحته من سؤال فى الأعلى فهو داخل فى علم مصطلح الحديث ، وسوف أتناول فى الخطوة التالية من هذا العلم ما يساعدنا على إجابة هذا السؤال:
لقد قسم علماء مصطلح الحديث سنن الآحاد بالنسبة الى قوتها وضعفها الى قسمين : مقبول ومردود
المقبول وأقسامه:الحديث المقبول : هو ما ترجح صدق المخبر به ،
وينقسم الحديث المقبول الى قسمين وهما : الحديث الصحيح والحديث الحسن ،
وفى ذلك قال العلماء أن الحسن يمكن أن يكون حسن لذاته أو حسن لغيره ، والصحيح يمكن أن يكون صحيحا لذاته أو صحيحا لغيره ، وسوف أتغاضى عن شرح هذا التفصيل ، فما ذكر فيه الكفاية هنا.
تعريف الحديث الصحيح الحديث الصحيح إصطلآحا هو مااتصل سنده بنقل العدل الضابط عن عدل ضابط مثله الى آخر السند من غير شذوذ ولآ علة.
ولذلك يشترط فى الحديث الصحيح خمسة شروط كى يكتسب هذه الصفة:
1 - أتصال السند : أى أن يكون كل راو من رواته قد أخذ مباشرة عمن فوقه من أول السند إلى منتهاه
2 - عدالة الراوى أى أنه مسلم بالغ عاقل تام المروءة
3 - تمام الضبط أى الحفظ الغيبى لما سمع بحيث يمكن إستحضاره متى شاء أو حفظ ماكتب وصيانته عن التلف أو التحريف
4 - عدم الشذوذ : أى أن لآ يكون الحديث شاذا ، والشذوذ : هو مخالفة الثقة لم هو أوثق منه
5 - عدم العلة : أى أن لآ يكون الحديث معللآ ، والعلة : سبب خفى يقدح فى صحة الحديث مع أن الظاهر السلآمة منه.
فإذا توفرت هذه الشروط أعتبر الحديث صحيحا وإذا لم تتوفر كلها أو بعضها أعتبر الحديث غير صحيح.
وقد جمعت هذه الأحاديث فى كتب خاصة هى كتب الصحاح أشهرها الصحاح الستة ، وأهما كتابان جُمع فيهما ما ثبت أنها أحاديث صحيحة وهما : صحيحى البخارى ومسلم لعالمين من أجل علماء المسلمين ،
الأول هو : الإمام محمد بن إسماعيل البخارى ( ت. 256 هجرية) الذى جمع فى صحيحه 7275 حديثا إختارها من بين 300000 حديث ، وإذا حذف المكرر منها تبقى أربعة آلآف حديث ،
والثانى هو : والإمام مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيرى ( ت. 261 هجرية) الذى جمع فى صحيحه إثنا عشر ألف حديث بالمكرر ، وبحذف المكرر يتبقى أربعة آلآف حديث.
وقد ذهب الجمهور إلى أن البخارى أصحهما ، لأن الصفات التى تدور عليها الصحة فى كتاب البخارى أتم منها فى كتاب مسلم وأكثر سددا وصوابا ، فهو يشترط أن يكون الراوى قد ثبت لقاء من روى عنه ، أما الإمام مسلم فيكتفى بأن يكون كل منهم قد عاصر الأخر وإمكان اللقية بينهما.
ومن حيث العدالة والضبط فإن الرجال الذين طُعن فيهم من رجال مسلم أكثر عددا من الرجال الذين طُعن فيهم من رجال البخارى ، مع أن البخارى لم يكثر من إخراج حديثهم ، وغالبهم من شيوخه الذين مارس حديثهم فهو أعرف بهم.
ومن حيث الشذوذ والعلة ، فإن الأحاديث المنتقدة عند البخارى أقل عددا من الأحاديث التى انتقدت عند مسلم ، فالأحاديث المنتقدة عليها بلغت مائتى حديث وعشرة إختص البخارى منها بأقل من ثمانين (من أربعة آلآف ) ويشتركان فى إثنين وثلآثين وباقيها مختص بمسلم.
مراتب الحديث الصحيح : مراتب الحديث من حيث قوة الإحتجاج بها يمكن ترتيبها بالشكل الآتى:
1 - ماكان مروى بإسناد من أصح الأسانيد ، كمالك عن نافع عن ابن عمر
2 - ثم ما اتفق عليه البخارى ومسلم لتلقى الأمة كتابيهما بالقبول
3 – ثم ما إنفرد به البخارى
4 – ثم ما إنفرد به مسلم
5 – ثم ما كان على شرطهما ولم يخرجاه
6 – ثم ما كان على شرط البخارى ولم يخرجه
7 – ثم ما كان على شرط مسلم ولم يخرجه
8 – ثم ما صح عند غيرهم من الأئمة كابن خزيمة وابن حبان
وقد جرى ابن تيمية الجد فى كتابه "منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخبار" على أن يقول فيما أخرجه البخارى ومسلم وأحمد : "متفق عليه" وفيما أخرجه البخارى ومسلم : "أخرجاه"
ت
عريف الحديث الحسن الحديث الحسن إصطلآحا هو ما إتصل سنده بنقل العدل الذى خف ضبطه على مثله الى منتهاه من غير شذوذ ولآ علة
فالفرق بين الحديث الصحيح والحديث الحسن : هو تمام الضبط فى الصحيح وخفته فى الحسن
حكم الحديث الحسن: الحديث الحسن كالحديث الصحيح فى الإحتجاج به وإن كان دونه فى القوة ، وقد إحتج به جميع الفقهاء ومعظم المحدثين والأصوليين
معنى قول الترمزى وغيره : " حديث حسن صحيح" : لقد تبين مما سبق أن مرتبة الحديث الحسن أقل من مرتبة الحديث الصحيح ، وتفسير قول الترمزى كما قال ابن حجر هو:
1 - إذا كان للحديث إسنادا فأكثر فالمعنى : حسن بإعتبار إسناد وصحيح باعتبار إسناد آخر
2 – وإن كان له إسناد واحد فالمعنى : حسن عند قوم صحيح عند قوم آخرين
حجية سنن الآحادلقد عرفنا أن سنن أو أحاديث الآحاد هى السنن التى رواها عن رسول الله صحابى أو إثنين أو جمع لم يبلغ حد التواتر ، وهذا العدد لآ يفيد العلم القطعى بل الظن أنها رويت عن رسول أى أنها ظنية الورود عنه الله صلى الله عليه وسلم ،
وبعد ما تبين لنا سابقا نأتى إلى الإجابة على السؤال: ما مدى حجية هذه السنن بالنسبة لنا وهل نحن مطالبون بإتباعها وملزمون بالعمل بها؟
والإجابة على هذا السؤال تقتضينا الحديث عن مذاهب الصحابة والعلماء فى حجية سنن الآحاد والعمل بها
أولآ : مذهب الصحابةإتفق الصحابة على وجوب العمل بخبر الواحد ، إلآ إنهم كانو يتفاوتون فى طريق إثبات السنة بخبر الواحد ، وفيما يرونه محققا للإطمأنان والثقة والتثيت والإيمان بصحة ثبوت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- فكان أبو بكر وعمر لآ يقبلآن الحديث إلآ بشهادة إثنين عن سماعه من النبى صلى الله عليه وسلم.
- وكان على رضى الله عنه يستحلف الراوى أنه سمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وفى نفس الوقت كان الصحابى يرد الحديث لضعف ثقته بالراوى أو لعلمه بما ينسخه أو لمعارضته لما هو أقوى منه فى نظره.
فقد أنكر عمر حديث فاطمة بنت قيس فى السكنى لما قالت : " بتّ زوجى طلآقى ، فلم يجعل لى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى" ، وقال : "لآ ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندرى أصدقت أم كذبت ، حفظت أو نسيت؟"
وأنكرت عائشة حديث ابن عمر: " إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه" لأن الله تعالى يقول : "ولآ تزر وازرة وزر أخرى" ،
وأنكر ابن عباس حديث أبى هريرة : " من حمل جنازة فليتوضأ" وقال : "لآيلزمنا الوضوء فى حمل عيدان يابسة".
وليس هذا الإنكار أو التوقف من الصحابة لأن سنن الآحاد لآ يعمل بها ، وإنما أنكروا أو توقفوا لأمور إقتضت ذلك من وجود معارض أو عدم توفر شرط من الشروط.
ثانيا : الشافعى وحجية خبر الواحدوالإمام الشافعى رضى الله عنه أفاض فى الرد على من أنكر حجية أخبار الآحاد مستندا على أنها ظنية الورود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولاحتمال التدليس والكذب من الرواه ، وتفشى الوضع فى الحديث ، وكان له رضى الله عنه حجج فى ذلك منها:
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حض على حفظ قوله ووعيه وأدائه ، سواء بطريق الواحد أو الجماعة ، فقال صلى الله عليه وسلم : "نضر الله عبدا سمع مقالتى فحفظها ، ووعاها ، وأداها ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلآث لآ يَغلُّ عليهن قلبُ مسلم : إخلآص العمل لله ، والنصيحة للمسلمين ، ولزوم جماعتهم ، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم" (حديث متواتر)
وهذا يعنى أن كلآم الناقل الواحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة على من سمعه.
- ومن حججه أيضا أن الصحابة كانو يأخذون بخبر الواحد إذا لم يجدوا دليلآ فى كتاب الله أو فى السنة ، وربما يقضون فى المسألة برأيهم فإذا عرفوا حديثا رجعوا اليه.
وهذه الحجج تبناها العلماء فى الإستدلآ على رأيهم فى وجوب العمل بخبر الواحد ، وأضافو عليها أدلة أخرى من القرآن والمعقول:
فمن القرآن : قول الله تعالى : " فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ " والفرقة ثلآثة والطائفة واحد أو إثنان ، والإنذار هو الخبر الذى يكون فيه تخويف وهو حاصل بقول واحد أو إثنين.
أما من المعقول : فهو أن خبر الواحد يحتمل الصدق كما يحتمل الكذب ، فإذا توفر جانب العدالة فى الراوى ترجح جانب الصدق على جانب الكذب ومن المقرر أنه يجب العمل بما ترجح صدقه.
ثالثا : مذاهب العلماء فى وجوب العمل بخبر الواحد 1 - مذهب الحنفية : يشترط الحنفية للعمل بخبر الواحد ثلآث شروط هى : ألآ يعمل الراوى بخلآف ما يرويه ، وألآ يكون الحديث مخالفا للقياس والأصول الشرعية إذا كان الراوى غير فقيه ، فقد كانت الرواية بالمعنى منتشرة بين الرواه ، فإذا كان الراوى غير فقيه كان من المحتمل أن يذهب شيئ من المعنى الذى ينبنى عليه الحكم .
2 - مذهب المالكية : إشترط الإمام مالك رضى الله تعالى عنه للعمل بخبر الواحد ألآ يكون الخبر مخالفا لعمل أهل المدينة لأن عمل أهل المدينة بمنزلة روايتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
3- أما الشافعية : فأن شرط العمل بخبر الواحد عندهم هو صحة السند وإتصاله
4 - مذهب الحنابلة : "لم يشترط الإمام أحمد فى العمل بخبر الواحد إلآ صحة السند كالشافعى إلآ أنه خالفه فى العمل بالمرسل ، فيعمل به عند الحنابلة ، ولكنه حديث ضعيف عندهم يقدم عليه فتوى الصحابى"
يقول الدكتور وهبه الزحيلى تعليقا على ذلك : "أن الحنابلة أكثر الفقهاء عملآ بالسنه ، ويليهم المالكية والشافعية ثم الحنفية . ومرجع الخلآف هو الأخذ بالإحتياط وإجلآل السنة ، فالحنفية يرون أن الاحتياط فى العمل بالقواعد العامة ، والجمهور يرون أن الإحتياط فى العمل بالسنة مهما أمكن"
ولكى نفهم ذلك لآ بد من النظر فى أصول الإمام أحمد بن حنبل ، حيث يعرضها علينا الإمام إبن القيم فى إعلام الموقعين بقوله : "وكانت فتاويه مبنية على خمس أصول" ، فأعرضها بإختصار وهى :
الأصل الأول : النصوص فإذا وجد النص أفتى بموجبه ، ولم يلتفت إلى ما خالفه ولآ من خالفه كائنا من كان.
الأصل الثانى : ما أفتى به الصحابة ، فإنه إذا وجد لبعضهم لآ يعرف له مخالف منهم فيها لم يعدها الى غيرها.
الأصل الثالث : إذا إختلف الصحابة تخير من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة ، ولم يخرج عن أقوالهم ، فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال حكى الأقوال حكى الخلآف فيها ولم يجزم بقول.
الأصل الرابع : الأخذ بالحديث المرسل والحديث الضعيف ، إذا لم يكن فى الباب شيئ يدفعه ، وهو الذى رجحه على القياس ، وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولآ المنكر ولآ مافى روايته متهم بحيث لآ يسوغ الذهاب إليه فالعمل به ، بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن ، ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف ، بل إلى صحيح وضعيف ، وللضعيف عنده مراتب ، فإذا لم يجد فى الباب أثرا يدفعه ولآ قول صاحب ، ولآ إجماعا على خلآفه ، كان العمل به عنده أولى من القياس.
الأصل الخامس : هو القياس للضرورة ، وهو الأصل الأخير إن لم يجد نصا ولآ قول الصحابة أو أحد منهم ولآ أثر مرسل أو ضعيف عدل على الأصل الخامس وهو القياس فاستعمله للضرورة.
و يقول إبن القيم عن إبن حنبل " وكان شديد الكراهية والمنع للإفتاء بمسألة ليس فيها أثر عن السلف ، كما قال لبعض أصحابه : إياك أن تتكلم فى مسألة ليس لك فيها إمام."
ونظرا لأن كثير من الشباب يقبلون على الفتوى بغير علم كاف يؤهلهم لذلك ، أورد لهم فى هذا الموضع ما قاله إبن القيم تحت عنوان "تورع السلف عن الفتيا" حيث يقول : " وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرع فى الفتوى ، ويود كل واحد منهم أن يكفيه إياها غيره ، فإذا رأى أنها قد تعينت عليه بذل إجتهاده فى معرفة حكمها من الكتاب والسنة أو أقوال الخلفاء الراشدين ثم أفتى" . والمشكلة أن فتوى هؤلآء الشباب تكون فى مسائل خلآفية تعددت آراء الفقهاء فيها ، فيأخذون رأيا ، ويعرضوه كأنه هو الرأى ، وليس رأيا بين عدد من الآراء فى المسألة الواحدة.
الحديث المرسل وحكمهالحديث المرسل هو أن يترك التابعى ذكر الواسطة بينه وبين النبى صلى الله عليه وسلم فيقول : "قال الرسول صلى الله عليه وسلم ..." بدون ذكر عمن أخذ هذا الحديث. ومن أقسامه المنقطع والمعضل والمعلق ، وليس لذكرها هنا فائدة كبيرة.
والأصوليون يعرفونه بأنه قول العدل لكل ما لم يتصل سنده. ولآ خلآف فى أن مرسل الصحابى مقبول إجماعا . أما مرسل غير الصحابى فمختلف فيه ، وقد تردد القول بين قبوله مطلقا كما هو عند أبو حنبفة ومالك وأحمد ، الى رفضه مطلقا كما هو عند الظاهرية وجمهور المحدثون بعد المأتين من الهجرة.
المردود
الحديث الضعيف وحكمهالحديث الضعيف هو ما لم يجمع صفة الحسن بفقد شرط من شروطه ، أى أنه يأتى فى الدرجة الثالثة بعد الصحيح والحسن. وهناك أقسام للحديث الضعيف منها الشاذ ، والمضطرب ، والمعلل ، والمنقطع ، والمعضل وغير ذلك ، والحديث الضعيف يتفاوت فى ضعفه بين الضعيف والضعيف جدا ، والواهى والمنكر، والموضوع وهو شر أنواعه.
والأصل فى الحديث الضعيف أنه لآيعمل به فهو مردود. وبالرغم من ذلك قد تناول العلماء البحث فى إمكان العمل به ، فذهب المحققون من العلماء إلى أنه لآ يعمل به مطلقا سواء كان فى العقائد أم فى احكام العبادات والمعاملآت ، أم فى الترغيب والترهيب ، وهذا هو المنقول عن البخارى ، ومسلم و بن العربى و ابن حزم و يحيى بن معين ، وهناك من يرى العمل به فى الترغيب والترهيب تحت شروط معينة ، ومنعوا العمل به فيما عدا ذلك.
تقسيم السنة الى سنة مؤكدة أو مستحبة أو زائدة إتفق علماء أصول الفقه على تعريف الحكم الشرعى على أنه : خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين طلبا أو تخييرا أو وضعا.
ولذلك قسموا الأحكام الشرعية الى قسمين وهما الأحكام التكليفية والأحكام الوضعية ، فأما الأحكام الوضعية فلآ تعنينا فى هذا المكان ، وأما ما يعنينا هو الأحكام التكليفيه وبالذات ذكر تقسيمها الى ماهو واجب أو مندوب أو حرام أو مكروه أو مباح. وسوف أعود إن شاء الله إلى هذا الوضوع تفصيلآ فى وقت لآحق.
والواجب يعرفونه بأنه ما طلب الشارع فعله على وجه الحتم ، ووجه الحتم يتبين من الكلمات المستخدمه الآية أو الحديث كأن يقول الله تعالى مثلآ : كتب عليكم ، أو فرض عليكم ، أو أن يقرن سبحانه وتعالى عدم الفعل بعقوبة ما . وهاك مثالآن على ذلك وهما قول الله تعالى:
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
" وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا َ"
والمندوب لغة يعرف بأنه الدعاء الى الفعل ، وإصطلآحا يعرف بأنه ما طلب الشارع فعله ، ولكن ليس على وجه الحتم ،
وقال العلماء أن الفرق المندوب وبين الواجب هو أن تارك الواجب يستحق العقاب أما تارك المندوب فلآ يستحق عقابا ولكن ربما الذم والتأنيب والتوبيخ.
ويعرف الندب من صيغة الطلب نفسها عندما تدل على عدم الإلزام ، كقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ، ومن إغتسل فالغسل أفضل" ، أو بصيغة الأمر مع وجود قرينة تصرف المعنى عن الإلزام كقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه...." فالأمر هنا بكتابة الدين للندب وليس لإيجاب ، والدليل على ذلك القرينة الصارفة عن ذلك حيث قال تعالى فى نفس الآية : "... فإن أمن بعضكم بعضا فالايؤدى الذى اؤتمن أمانته" أى أن للدائن أن يثق بالمدين ويأتمنه بدون كتابة الدين عليه.
وقسم العلماء المندوب الى ثلآث أقسام أعرضها بشيئ من التفصيل لأنها هى التى تتعلق بما نحن فيه:
1 - مندوب ينبغى فعله على وجه التأكيد :
وفاعله يستحق الثواب وتاركه لآ يستحق العقاب ولكن يستحق اللوم والعتاب . مثال ذلك الأفعال المكملة للواجبات الدينية كالصلآة جماعة والأذان والإقامة وكل ما واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتركه إلآ نادر ليبين لنا عدم تحتيمه ، كالمضمضة والإستنشاق فى الوضوء ، وقراءة شيئ من القرآن بعد الفاتحة فى الصلآة.
وهذا المندوب هو ما يسمى بالسنن المؤكدة أو سنن الهدى .
2 – مندوب مشروع فعله :
وفاعله يثاب على هذا الفعل ولكن تاركه لآ يستحق عقابا ولآ عتابا ولآ لوما ، كالأمور التى لم يواظب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ، وإنما فعلها مرة أو مرتين أو أكثر ثم تركها ، مثل صلآت أربع ركعات قبل صلآة العشاء ، ومثل جميع التطوعات كالتصدق على الفقراء أو صيام يومى الإثنين والخميس من كل أسبوع.
وهذا المندوب هو ما يسمى بالسنن المستحبة أو سنن الفضل
3 – مندوب زائد :
وهذا المندوب يعتبر من الكماليات بالنسبة للمكلف ، كالأمور العادية التى فعلها رسولنا صلى الله عليه وسلم بحسب العادة كأكله وشربه وطريقة مشييه و نومه ولبسه. ومن لم يقتدى بالرسول صلى الله عليه وسلم فى هذه الأمور لآ يعد مسيئا، ولكن الإقتداء به صلى الله عليه وسلم فى هذه الأمور وإن كان أمر كمالى إنما يعد من محاسن العبد ويدل على حبه للرسول وفرط تعلقه به. وفاعله يستحق الثواب إذا قصد به الإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم ، وتاركه لآ يستحق عقابا ولآ يستحق اللوم والعتاب.
وهذا المندوب هو الذى يسمى بالسنن الزائدة
وينبغى ملآحظة أن هذا التقسيم هو تقسيم الحنفية أما غيرهم فلم يفرقوا بين أقسام السنة ،
والمندوب عندهم يسمى سنة ونافلة ومستحبا وتطوعا ومرغبا فيه وإحسانا أو حسنا كما ذكر الزحيلى نقلآ عن شرح المحلى وغاية الوصول للأنصارى
كما ينبغى عدم الخلط بين الواجب والمندوب ، وكذلك ينبغى ألآ يقدم المندوب على الواجب. والله تعالى أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألآ إله إلآ أنت أستغفرك وأتوب إليكقائمة المراجع بالأسفل